تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٠٩
اجعلني من عبادك المنعم عليهم المهتدين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك، وفي آية الإسراء اللهم اجعلني من الباكين إليك الخاشعين لك، وفي آية تنزيل السجدة اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك ورحمتك وأعوذ بك من أن أكون من المستكبرين عن أمرك.
وقرأ عبد الله. وأبو جعفر. وشيبة. وشبل بن عباد. وأبو حيوة. وعبد الله بن أحمد العجلي عن حمزة. وقتيبة في رواية. وورش في رواية النحاس. وابن ذكوان في رواية التغلبي * (يتلى) * بالياء التحتية لأن التأنيث غير حقيقي ولوجود القاصل.
* (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلواة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) * * (فخلف من بعدهم خلف) * أي جاء بعدهم عقب سوء فإن المشهور في الخلف ساكن اللام ذلك والمشهور في مفتوح اللام ضده، وقال أبو حاتم: الخلف بالسكون الأولاد الجمع والواحد فيه سواء وبالفتح البدل ولدا كان أو غيره، وقال النضر بن شميل: الخلف بالتحريك والإسكان القرن السوء أما الصالح فالتحريك لا غير، وقال ابن جرير: أكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وفي الذم بتسكينها وقد يعكس، وعلى استعمال المفتوح في الذم جاء قول لبيد: ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب * (أضاعوا الصلاة) * وقرأ عبد الله. والحسن. وأبو رزين العقيلي. والضحاك. وابن مقسم * (الصلوات) * بالجمع وهو ظاهر، ولعل الأفراد للاتفاق في النوع، وإضاعتها على ما روي عن ابن مسعود. والنخعي. والقاسم بن مخيمرة. ومجاهد. وإبراهيم. وعمر بن عبد العزيز تأخيرها عن وقتها، وروى ذلك الإمامية عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه، واختار الزجاج أن إضاعتها الاختلال بشروطها من الوقت وغيره، وقيل: إقامتها في غير جماعة، وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي أن إضاعتها تركها، وقيل: عدم اعتقاد وجوبها، وعلى هذا الآية في الكفار وعلى ما قبله لا قطع، واستظهر أنها عليه في قوم مسلمين بناء على أن الكفار غير مكلفين بالفروع إلا أن يقال: المراد أن من شأنهم ذلك فتدبر، وعلى ما قبلهما في قوم مسلمين قولا واحدا.
والمشهور عن ابن عباس. ومقاتل أنها في اليهود، وعن السدي أنها فيهم وفي النصارى، واختير كونها في الكفرة مطلقا لما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبا وعليه بني حسن موقع حكاية قول جبريل عليه السلام الآتي، وكونها في قوم مسلمين من هذه الأمة مروى عن مجاهد. وقتادة. وعطاء. وغيرهم قالوا: إنهم يأتون عند ذهاب الصالحين يتبادرون بالزنا ينزو بعضهم على بعض في الأزقة كالأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله تعالى: * (واتبعوا الشهوات) * وانهمكوا في المعاصي المختلفة الأنواع، وفي " البحر " * (الشهوات) * عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله تعالى، وعد بعضهم من ذلك نكاح الأخت من الأب وهو على القول بأن الآية فيما يعم اليهود لأن من مذهبهم فيما قيل ذلك وليس بحق. والذي صح عنهم أنهم يجوزون نكاح بنت الأخ وبنت الأخت ونحوهما، وعن علي كرم الله تعالى وجهه من بني المشيد وركب المنظور ولبس المشهور * (فسوف يلقون غيا) * أخرج ابن جرير. والطبراني. وغيرهما من حديث أبي أمامة مرفوعا أنه نهر في أسفل جهنم يسيل فيه صديد أهل النار وفيه لو أن صخرة زنة عشر عشراوات قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ثم تنتهي إلى غي وأثام، ويعلم منه سر التعبير بسوف يلقون.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»