المراد جنس الأثيم «إن المتقين» أي عن الكفر والمعاصي «في مقام» في موضع قيام والمراد المكان على الإطلاق فإنه من الخاص الذي شاع استعماله في معنى العموم وقرئ بضم الميم وهو موضع إقامة «آمين» بأمن صاحبه الآفات والانتقال عنه وهو من الأمن الذي هو ضد الخيانة وصف به المكان بطريق الاستعارة كان المكان المخيف يخون صاحبه لما يلقى فيه من المكاره «في جنات وعيون» بدل من مقام جئ به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب «يلبسون من سندس وإستبرق» إما خبر ثان أو حال من الضمير في الجار أو استئناف والسندس مارق من الحرير والإستبرق ما غلظ منه معرب «متقابلين» في المجالس ليستأنس بعضهم ببعض «كذلك» أي الأمر كذلك أو كذلك أثبناهم «وزوجناهم بحور عين» على الوصف وقرئ بالإضافة أي قرناهم بهن والحور جمع الحوراء وهي البيضاء والعين جمع العيناء وهي العظيمة العينين واختلاف في أنهن نساء الدنيا أو غيرها «يدعون فيها بكل فاكهة» أي يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهونه من الفواكه لا يتخصص شئ منها بمكان ولا زمان «آمنين» من كل ما يسوؤهم «لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى» بل يستمرون على الحياة أبدا والاستثناء منقطع أو متصل على أن المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق كأنه قيل لا يذوقون فيها الموت إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأوى حينئذ «ووقاهم عذاب الجحيم» وقرئ مشددا للمبالغة في الوقاية «فضلا من ربك» أي أعطوا ذلك كله عطاء وتفضيلا منه تعالى وقرئ بالرفع اي ذلك فضل «ذلك هو الفوز العظيم» الذي لا فوز وراءه إذ هو خلاص عن جميع المكاره ونيل لكل المطالب وقوله تعالى «فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون» فذلكة للسورة الكريمة أي إنما أنزلنا الكتاب المبين بلغتك كي يفهمه قومك ويتذكروا ويعلموا بموجب وإذا لم يفعلوا ذلك «فارتقب»
(٦٦)