تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٧٥
بالأيمان الفاجرة «لو يجدون ملجأ» استئناف مقرر لمضمون ما سبق من أنهم ليسوا من المسلمين وأن التجاءهم إلى الانتماء إليهم إنما هو للتقية اضطرارا حتى أنهم لو وجدوا غير ذلك ملجأ أي مكانا حصينا يلجأون إليه من رأس جبل أو قلعة أو جزيرة وإيثار صيغة الاستقبال في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة استمرار عدم الوجدان فإن المضارع المنفي الواقع موقع الماضي ليس نصا في إفادة انتفاء استمرار الفعل كما هو الظاهر بل قد يفيد استمرار انتفائه أيضا حسبما يقتضيه المقام فإن معنى قولك لو تحسن إلي لشكرتك أن انتفاء الشكر بسبب استمرار انتفاء الإحسان لا أنه بسبب انتفاء استمرار الإحسان فإن الشكر يتوقف على وجود الإحسان لا على استمراره كما حقق في موضعه «أو مغارات» أي غير انا وكهوفا يخفون فيها أنفسهم وقرئ بضم الميم من أغار الرجل إذا دخل الغور وقيل هو معتد من غار إذا دخل الغور أي أمكنة يغيرون فيها أشخاصهم وأهليهم ويجوز أن يكون من أغار الثعلب إذا أسرع بمعنى مهارب ومفار «أو مدخلا» أي نفقا يندسون وينجحرون وهو مفتعل من الدخول وقرئ مدخلا من الدخول ومدخلا من الإدخال أي مكانا يدخلون فيه أنفسهم وقرئ متدخلا ومندخلا من التدخل والإندخال «لولوا» أي لصرفوا وجوههم وأقبلوا وقرئ لوالوا أي لالتجأوا «إليه» أي إلى أحد ما ذكر «وهم يجمحون» أي يسرعون بحيث لا يردهم شيء من الفرس الجموح وهو الذي لا يثنيه اللجام وفيه إشعار بكمال عتوهم وطغيانهم وقرئ يجمزون بمعنى يجمحون ويشتدون ومنه الجمازة «ومنهم من يلمزك» بكسر الميم وقرئ بضمها أي يعيبك سرا وقرئ يلمزك ويلامزك مبالغة «في الصدقات» أي في شأنها وقسمتها «فإن أعطوا منها» بيان لفساد لمزهم وأنه لا منشأ له سوى حرصهم على حطام الدنيا أي إن أعطوا منها قدر ما يريدون «رضوا» بما وقع من القسمة واستحسنوها «وإن لم يعطوا منها» ذلك المقدار «إذا هم يسخطون» أي يفاجئون السخط وإذا نائب مناب فاء الجزاء قيل نزلت الآية في أبي الجواظ المنافق حيث قال ألا ترون إلى صاحبكم يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم ويزعم أنه يعدل وقيل في ابن ذي الخويصرة واسمه حرقوص ابن زهير التميمي رأس الخوارج كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين فاستعطف قلوب أهل مكة بتوفير الغنائم عليهم فقال اعدل يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم ويلك إن لم أعدل فمن يعدل وقيل هم المؤلفة قلوبهم والأول هو الأظهر «ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله» أي ما أعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من الصدقات طيبي النفوس به وإن قل وذكر الله عز وجل للتعظيم والتنبيه على أن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم كان بأمره سبحانه
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308