تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٧١
لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن ما أرادوه لما أنه تعالى كره انبعاثهم لما فيه من المفاسد التي ستبين «فثبطهم» أي حبسهم بالجبن والكسل فتثبطوا عنه ولم يستعدوا له «وقيل اقعدوا مع القاعدين» تمثيل لإلقاء الله تعالى كراهة الخروج في قلوبهم أو لوسوسة الشيطان بالأمر بالقعود أو هو حكاية قول بعضهم لبعض أو هو إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في القعود والمراد بالقاعدين إما المعذورون أو غيرهم وأيا ما كان فغير خال عن الذم «لو خرجوا فيكم» بيان لسر كراهته تعالى لانبعاثهم أي لو خرجوا مخالطين لكم «ما زادوكم» أي ما أورثوكم شيئا من الأشياء «إلا خبالا» أي فسادا وشرا فالاستثناء مفرغ متصل وقيل منقطع وليس بذلك «ولأوضعوا خلالكم» أي ولسعوا فيما بينكم بالنمائم والتضريب وإفساد ذات البين من وضع البعير وضعا إذا أسرع وأوضعته أنا أي حملته على الإسراع والمعنى لأوضعوا ركائبهم بينكم والمراد به المبالغة في الإسراع بالنمائم لأن الراكب أسرع من الماشي وقرئ ولأرقصوا من رقصت الناقة أسرعت وأرقصتها أنا وقرئ ولأوفضوا أي أسرعوا «يبغونكم الفتنة» يحاولون أن يفتنوكم بإيقاع الخلاف فيما بينكم وإلقاء الرعب في قلوبكم وإفساد نياتكم والجملة حال من ضمير أوضعوا أو استئناف «وفيكم سماعون لهم» أي نمامون يسمعون حديثكم لأجل نقله إليهم أو فيكم قوم ضعفة يسمعون للمنافقين أي يطيعونهم والجملة حال من مفعول يبغونكم أو من فاعله لاشتمالها على ضميريهما أو مستأنفة ولعلهم لم يكونوا في كمية العدد وكيفية الفساد بحيث يخل مكانهم فيما بين المؤمنين بأمر الجهاد إخلالا عظيما ولم يكن فساد خروجهم معادلا لمنفعته ولذلك لم تقتض الحكمة عدم خروجهم فخرجوا مع المؤمنين ولكن حيث كان انضمام المنافقين القاعدين إليهم مستتبعا لخلل كلي كره الله انبعاثهم فلم يتسن اجتماعهم فاندفع فسادهم ووجه العتاب على الإذن في قعودهم مع تقرره لا محالة وتضمن خروجهم لهذه المفاسد أنهم لو قعدوا بغير إذن منه صلى الله عليه وسلم لظهر نفاقهم فيما بين المسلمين من أول الأمر ولم يقدروا على مخالطتهم والسعي فيما بينهم بالأراجيف ولم يتسن لهم التمتع بالعيش إلى أن يظهر حالهم بقوارع الآيات النازلة «والله عليم بالظالمين» علما محيطا بضمائرهم وظواهرهم وما فعلوا فيما مضى وما يتأتى منهم فيما سيأتي ووضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والتشديد في الوعيد والإشعار بترتبه على الظلم ولعله شامل للفريقين السماعين والقاعدين «لقد ابتغوا الفتنة» تشتيت شملك وتفريق أصحابك منك «من قبل» أي يوم أحد حين انصرف عبد الله بن أبي بن سلول المنافق بمن معه وقد تخلف بمن معه عن تبوك أيضا بعد ما خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي جدة أسفل من ثنية الوداع وعن ابن جريج رضي الله عنه وقفوا لرسول صلى الله عليه وسلم على الثنية ليلة العقبة وهم اثنا عشر رجلا من المنافقين ليفتكوا به صلى الله عليه وسلم فردهم الله تعالى خاسئين «وقلبوا لك الأمور» تقليب الأمر تصريفه من وجه إلى وجه
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308