تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٧٠
قيل المحذوف هو التخلف والمعنى لا يستأذنك المؤمنون في التخلف كراهة الجهاد فيتوجه النفي إلى القيد وبه يمتاز المؤمن من المنافق وهو وإن كان في نفسه أمرا خفيا لا يوقف عليه بادئ الأمر لكن عامة أحوالهم لما كانت منبئة عن ذلك جعل أمرا ظاهرا مقررا وقيل هو الجهاد أي لا يستأذنك المؤمنون في الجهاد كراهة أن يجاهدوا بناء على أن الاستئذان في الجهاد ربما يكون لكراهته ولا يخفي أن الاستئذان في الشيء لكراهته مما لا يقع بل لا يعقل ولو سلم وقوعه فالاستئذان لعلة الكراهة مما لا يمتاز بحسب الظاهر من الاستئذان لعلة الرغبة ولو سلم فالذي نفى عن المؤمنين يجب أن يثبت للمنافقين وظاهر أنهم لم يستأذنوا في الجهاد لكراهتهم له بل إنما استأذنوا في التخلف «والله عليم بالمتقين» شهادة لهم بالانتظام في سلك المتقين وعدة لهم بأجزل الثواب وتقرير لمضمون ما سبق كأنه قيل والله عليم بأنهم كذلك وإشعار بأن ما صدر عنهم معلل بالتقوى «إنما يستأذنك» أي في التخلف مطلقا على الأول أو لكراهة الجهاد على الثاني «الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر» تخصيص الإيمان بهما في الموضعين للإيذان بأن الباعث على الجهاد ببذل النفس والمال إنما هو الإيمان بهما إذ به يتسنى للمؤمنين استبدال الحياة الأبدية والنعيم المقيم الخالد بالحياة الفانية والمتاع الكاسد «وارتابت قلوبهم» عطف على الصلة وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقيق الريب وتقرره «فهم» حال كونهم «في ريبهم» وشكهم المستقر في قلوبهم «يترددون» أي يتحيرون فإن التردد ديدن المتحير كما أن الثبات ديدن المستبصر والتعبير عنه به مما لا يخفي حسب موقعه «ولو أرادوا الخروج» يدل على أن بعضهم قالوا عند الاعتذار كنا نريد الخروج لكن لم نتهيأ له وقد قرب الرحيل بحيث لا يمكننا الاستعداد فقيل تكذيبا لهم لو أراده «لأعدوا له» أي للخروج في وقته «عدة» أي أهبة من الزاد والراحلة والسلاح وغير ذلك مما لا بد منه للسفر وقرئ عده بحذف التاء والإضافة إلى ضمير الخروج كما فعل بالعدة من قال * وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا * أي عدته وقرئ عده بكسر العين وعدة بالإضافة «ولكن كره الله انبعاثهم» أي نهوضهم للخروج قيل هو استدراك عما يفهم من مقدم الشرطية فإن انتفاء إرادتهم للخروج يستلزم انتفاء خروجهم وكراهة الله تعالى انبعاثهم تستلزم تثبطهم عن الخروج فكأنه قيل ما خرجوا ولكن تثبطوا والاتفاق في المعنى لا يمنع الوقوع بين طرفي لكن بعد تحقق الاختلاف نفيا وإثباتا في اللفظ كقولك ما أحسن إلى زيد ولكن أساء والأظهر أن يكون استدراكا من نفس المقدم على نهج ما في الأقيسة الاستثنائية والمعنى
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308