تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٧٨
راجعة إلى جنابه عز وجل موجبة لكمال السخط والغضب «يحلفون بالله لكم» الخطاب للمؤمنين خاصة وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذيرهم بالأيمان ليعذروهم ويرضوا عنهم أي يحلفون لكم أنهم ما قالوا ما نقل إليهم مما يورث أذاة النبي صلى الله عليه وسلم وأما التخلف عن الجهاد فليس بداخل في هذا الاعتذار «ليرضوكم» بذلك وإفراد إرضائهم بالتعليل مع أن عمدة أغراضهم إرضاء الرسول صلى الله عليه وسلم وقد قبل صلى الله عليه وسلم ذلك منهم ولم يكذبهم للإيذان بأن ذلك بمعزل من أن يكون وسيلة إلى إرضائه صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم إنما لم يكذبهم رفقا بهم وسترا لعيوبهم لا عن الرضا بما فعلوا كما أشير إليه «والله ورسوله أحق أن يرضوه» أي أحق بالإرضاء ولا يتسنى ذلك إلا بالطاعة والمتابعة وإيفاء حقوقه صلى الله عليه وسلم في باب الإجلال والإعظام مشهدا ومغيبا وأما ما أتوا به من الأيمان الفاجرة فإنما يرضى به من انحصر طريق علمه في الإخبار إلى أن يجئ الحق ويزهق الباطل والجملة نصب على الحالية من ضمير يحلفون أي يحلفون لكم لإرضائكم والحال أنه تعالى ورسوله أحق بالإرضاء منكم أي يعرضون عما يهمهم ويجديهم ويشتغلون بمالا يعنيهم وإفراد الضمير في يرضوه إما للإيذان بأن رضاه صلى الله عليه وسلم مندرج تحت رضاه سبحانه وإرضاؤه صلى الله عليه وسلم إرضاء له تعالى لقوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله وإما لأنه مستعار لاسم الإشارة الذي يشار به إلى الواحد والمتعدد بتأويل المذكور كما في قول رؤية * فيها خطوط من سواد وبلق * كأنه في الجلد توليع البهق * أي كأن ذلك لا يقال أي حاجة إلى الاستعارة بعد التأويل المذكور لأنا نقول لولا الاستعارة لم يتسن التأويل لما أن الضمير لا يتعرض إلا لذات ما يرجع إليه من غير تعرض لوصف من أوصافه التي من جملتها المذكورية وإنما المتعرض لها اسم الإشارة وإما لأنه عائد إلى رسوله والكلام جملتان حذف خبر الأولى لدلالة خبر الثانية عليه كما ذهب إليه سيبويه ومنه قول من قال * نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف أو إلى الله على أن المذكور خبر الجملة الأولى وخبر الثانية محذوف كما هو رأي المبرد «إن كانوا مؤمنين» جوابه محذوف تعويلا على دلالة ما سبق عليه أي إن كانوا مؤمنين فليرضوا الله ورسوله بما ذكر فإنهما أحق بالإرضاء «ألم يعلموا» أي أولئك المنافقون والاستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من العظيمة مع علمهم بسوء عاقبتها وقرئ بالتاء على الالتفات لزيادة التقريع والتوبيخ أي ألم يعلموا بما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من فنون القوارع والإنذارات «أنه» أي الشأن «من يحادد الله ورسوله» المحادة من الحد كالمشاقة من الشق والمعاداة من العدوة بمعنى الجانب فإن كل واحد من مباشري كل من الأفعال المذكورة في محل غير محل صاحبه ومن شرطية جوابها قوله تعالى «فأن له نار جهنم» على أن خبره محذوف أي فحق أن له نار جهنم وقرئ بكسر الهمزة والجملة الشرطية في محل الرفع على أنها خبر لأن وهي مع خبرها سادة مسد مفعولي يعلموا وقيل المعنى
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308