تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٥٢
الجانين أي أجعلتم أهلهما كمن آمن بالله الخ ويؤيده قراءة من قرأ سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام أو أجعلتموها كإيمان من آمن الخ وعلى التقديرين فالخطاب إما للمشركين على طريقة الالتفات وهو المتبادر من تخصيص ذكر الإيمان بجانب المشبه به وإما لبعض المؤمنين المؤثرين للسقاية والعمارة ونحوهما على الهجرة والجهاد ونظائرهما وهو المناسب للاكتفاء في الرد عليهم ببيان عدم مساواتهم عند الله للفريق الثاني وبيان أعظمية درجتهم عند الله تعالى على وجه يشعر بعدم حرمان الأولين بالكلية وجعل معنى التفضيل بالنسبة إلى زعم الكفرة لا يجدى كثير نفع لأنه إن لم يشعر بعدم الحرمان فليس بمشعر بالحرمان أيضا أما على الأول فهو توبيخ للمشركين ومداره على إنكار تشبيه أنفسهم من حيث اتصافهم بوصفيهم المذكورين مع قطع النظر عما هم عليه من الشرك بالمؤمنين من حيث اتصافهم بالإيمان والجهاد أو على إنكار تشبيه وصفيهم المذكورين في حد ذاتهما مع الإغماض عن مقارنتهما للشرك بالإيمان والجهاد وأما اعتبار مقارنتهما له كما قيل فيأباه المقام كيف لا وقد بين آنفا حبوط أعمالهم بذلك الاعتبار بالمرة وكونها بمنزلة العدم فتوبيخهم بعد ذلك على تشبيههما بالإيمان والجهاد ثم رد ذلك بما يشعر بعدم حرمانهم عن أصل الفضيلة بالكلية كما أشير إليه مما لا يساعده النظم التنزيلي ولو اعتبر ذلك لما احتيج إلى تقرير إنكار التشبيه وتأكيده بشيء آخر إذ لا شيء أظهر بطلانا من تشبيه المعدوم بالموجود فالمعنى أجعلتم أهل السقاية والعمارة في الفضيلة كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيله أو أجعلتموهما في ذلك كالإيمان والجهاد وشتان بينهما فإن السقاية والعمارة وإن كانتا في أنفسهما من أعمال البر والخير لكنهما وإن خلتا عن القوادح بمعزل عن صلاحية أن يشبه أهلهما بأهل الإيمان والجهاد أو يشبه نفسهما بنفس الإيمان والجهاد وذلك قوله عز وجل «لا يستوون عند الله» أي لا يساوي الفريق الأول الثاني من حيث اتصاف كل منهما بوصفيهما ومن ضرورته عدم التساوي بين الوصفين الأولين وبين الآخرين لأنه المدار في التفاوت بين الموصفين وإسناد عدم الاستواء إلى الموصوفين لأن الأهم بيان تفاوتهم وتوجيه النفي ههنا والإنكار فيما سلف إلى الاستواء والتشبيه مع أن دعوى المفتخرين بالسقاية والعمارة من المشركين والمؤمنين إنما هي الأفضلية دون التساوي والتشابه للمبالغة في الرد عليهم فإن نفي التساوي والتشابه نفي للأفضلية بالطريق الأولى والجملة استئناف لتقرير الإنكار المذكور وتأكيده أو حال من مفعولي الجعل والرابط هو الضمير كأنه قيل أسويتم بينهم حال كونهم متفاوتين عنده تعالى وقوله تعالى «والله لا يهدي القوم الظالمين» حكم عليهم بأنهم مع ظلمهم بالإشراك ومعاداة الرسول صلى الله عليه وسلم ضالون في هذا الجعل غير مهتدين إلى طريق معرفة الحق وتمييز الراجح من المرجوح وظالمون بوضع كل منهما موضع الآخر وفيه زيادة تقرير لعدم التساوي بينهم وقوله تعالى «الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم» استئناف
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308