يعملونه أو عملهم وقوله عز وعلا «لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة» ناع عليهم عدم مراعاة حقوق عهد المؤمنين على الإطلاق فلا تكرار وقيل هذا في اليهود أو في الأعراب المذكورين ومن يحذو حذوهم وأما ما قيل من أنه تفسير لقوله تعالى يعملون أو دليل على ما هو مخصوص بالذم فمشعر باختصاص الذم والسوء بعملهم هذا دون غيره «وأولئك» الموصوفون بما عدد من الصفات السيئة «هم المعتدون» المجاوزون الغاية القصوى من الظلم والشرارة «فإن تابوا» أي عما هم عليه من الكفر وسائر العظائم والفاء للإيذان بأن تقريعهم بما نعى عليهم من مساوى أعمالهم مزجرة عنها ومظنة للتوبة «وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة» أي التزموهما وعزموا على إقامتهما «فإخوانكم» أي فهم إخوانكم وقوله تعالى «في الدين» متعلق بإخوانكم لما فيه من معنى الفعل أي لهم ما لكم وعليهم ما عليكم فعاملوهم معاملة الإخوان وفيه من استمالتهم واستجلاب قلوبهم ما لا مزيد عليه والاختلاف بين جواب هذه الشرطية وجواب التي مرت من قبل مع اتحاد الشرط فيهما لما أن الأولى سيقت إثر الأمر بالقتل ونظائره فوجب أن يكون جوابها أمرا بخلاف ذلك وهذه سيقت بعد الحكم عليهم بالاعتداء وأشباهه فلا بد من كون جوابها حكما بخلافه البتة «ونفصل الآيات» أي نبينها والمراد بها إما ما مر من الآيات المتعلقة بأحوال المشركين من الناكثين وغيرهم وأحكامهم حالتي الكفر والإيمان وإما جميع الآيات فيندرج فيها تلك الآيات اندارجا أوليا «لقوم يعلمون» أي ما فيها من الأحكام أو لقوم عالمين وهو اعتراض للحث على التأمل في الأحكام المندرجة في تضاعيفها والمحافظة عليها «وإن نكثوا» عطف على قوله تعالى فإن تابوا أي وإن لم يفعلوا ذلك بل نقضوا «أيمانهم من بعد عهدهم» الموثق بها وأظهروا ما في ضمائرهم من الشر وأخرجوه من القوة إلى الفعل حسبما ينبئ عنه قوله تعالى وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا الآية أو ثبتوا على ما هم عليه من النكث لا أنهم ارتدوا بعد الإيمان كما قيل «وطعنوا في دينكم» قدحوا فيه بصريح التكذيب وتقبيح الأحكام «فقاتلوا أئمة الكفر» أي فقاتلوهم وإنما أوثر ما عليه النظم الكريم للإيذان بأنهم صاروا بذلك ذوي رياسة وتقدم في الكفر أحقاء بالقتل والقتال وقيل المراد بأئمتهم رؤساؤهم وصناديدهم وتخصيصهم بالذكر إما لأهمية قتلهم أو للمنع من مراقبتهم لكونهم مظنة لها أو للدلالة على استئصالهم فإن قتلهم غالبا يكون بعد قتل من دونهم وقرئ أئمة بتحقيق الهمزتين على الأصل والأفصح إخراج الثانية بين بين
(٤٧)