تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٥٤
«يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء» نهى لكل فرد من أفراد المخاطبين عن موالاة فرد من المشركين بقضية مقابلة الجمع بالجمع الوجبة لانقسام الآحاد إلى الآحاد كما في قوله عز وجل وما للظالمين من أنصار لا عن موالاة طائفة منهم فإن ذلك مفهوم من النظم دلالة لا عبارة والآية نزلت في المهاجرين فإنهم لما أمروا بالهجرة قالوا أن هاجرنا قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشيرتنا وذهبت تجاراتنا وهلكت أموالنا وخربت ديارنا وبقينا ضائعين فنزلت فهاجروا فجعل الرجل يأتيه ابنه أو أبوه أو أخوه أو بعض أقاربه فلا يلتفت إليه ولا ينزله ولا ينفق عليه ثم رخص لهم في ذلك وقيل نزلت في التسعة الذين ارتدوا ولحقوا بمكة نهيا عن موالاتهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم لا يطعم أحدكم طعم الإيمان حتى يحب في الله ويبغض في الله حتى يحب في الله أبعد الناس منه ويبغض في الله أقرب الناس إليه «إن استحبوا الكفر» أي اختاروه «على الإيمان» وأصروا عليه إصرارا لا يرجى معه الإقلاع عنه أصلا وتعليق النهي عن الموالاة بذلك لما أنها قبل ذلك ربما تؤدي بهم إلى الإسلام بسبب شعورهم بمحاسن الدين «ومن يتولهم» أي واحد منهم كما أشير إليه وإفراد الضمير في الفعل لمراعاة لفظ الموصول وللإيذان باستقلال كل واحد منهم في الاتصاف بالظلم لا أن المراد تولى فرد واحد وكلمة من في قوله تعالى «منكم» للجنس لا للتبعيض «فأولئك» أي أولئك المتولون «هم الظالمون» بوضعهم الموالاة في غير موضعها كأن ظلم غيرهم كلا ظلم عند ظلمهم «قل» تلوين للخطاب وأمر له صلى الله عليه وسلم بأن يثبت المؤمنين ويقوى عزائمهم على الانتهاء عما نهوا عنه من موالاة الآباء والإخوان ويزهدهم فيهم وفيمن يجرى مجراهم من الأبناء والأزواج ويقطع علائقهم عن زخارف الدنيا وزينتها على وجه التوبيخ والترهيب «إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم» لم يذكر الأبناء والأزواج فيما سلف لأن موالاة الأبناء والأزواج غير معتاد بخلاف المحبة «وعشيرتكم» أي أقرباؤهم مأخوذ من العشرة أي الصحبة وقيل من العشرة فإنهم جماعة ترجع إلى عقد كعقد العشرة وقرئ عشيراتكم وعشائركم «وأموال اقترفتموها» أي اكتسبتموها وإنما وصفت بذلك إيماء إلى عزتها عندهم لحصولها بكد اليمين «وتجارة» أي أمتعة اشتريتموها للتجارة والربح «تخشون كسادها» بفوات وقت رواجها بغيبتكم عن مكة المعظمة في أيام الموسم «ومساكن ترضونها» أي منازل تعجبكم الإقامة فيها من الدور والبساتين والتعرض للصفات المذكورة للإيذان بأن اللوم على محبة ما ذكر
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308