تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٤٤
وفائدته على التفسير الثاني دفع احتمال أن يراد بالحصر المحاصرة المعهودة «فإن تابوا» عن الشرك بالإيمان بعد ما اضطروا بما ذكر من القتل والأسر والحصر «وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة» تصديقا لتوبتهم وإيمانهم واكتفى بذكرهما عن ذكر بقية العبادات لكونهما رأسي العبادات البدنية والمالية «فخلوا سبيلهم» فدعوهم وشأنهم ولا تتعرضوا لهم بشيء مما ذكر «إن الله غفور رحيم» يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر ويثيبهم بإيمانهم وطاعاتهم وهو تعليل للأمر بتخلية السبيل «وإن أحد» شروع في بيان حكم المتصدين لمبادي التوبة من سماع كلام الله تعالى والوقوف على شعائر الدين إثر بيان حكم التائبين عن الكفر والمصرين عليه وهو مرتفع بشرط مضمر يفسره الظاهر لا بالابتداء لأن إن لا تدخل إلا على الفعل «من المشركين استجارك» بعد انقضاء الأجل المضروب أي سألك أن تؤمنه وتكون له جارا «فأجره» أي أمنه «حتى يسمع كلام الله» ويتدبره ويطلع على حقيقة ما تدعو إليه والاقتصار على ذكر السماع لعدم الحاجة إلى شيء آخر في الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة وحتى سواء كانت للغاية أو للتعليل متعلقة بما بعدها لا بقوله تعالى استجارك لأنه يؤدي إلى أعمال حتى في المضمر وذلك مما لا يكاد يرتكب في غير ضرورة الشعر كما في قوله [فلا والله لا يلقى أناس * فتى حتاك يا ابن أبي يزيد] * كذا قيل إلا أن تعلق الإجارة بسماع كلام الله تعالى بأحد الوجهين يستلزم تعلق الاستجارة أيضا بذلك أو بما في معناه من أمور الدين وما روى عن علي رضي الله عنه أنه أتاه رجل من المشركين فقال إن أراد الرجل منا أن يأتي محمدا بعد انقضاء هذا الأجل لسماع كلام الله تعالى أو لحاجة قتل قال لا لأن الله تعالى يقول وإن أحد من المشركين استجارك فأجره الخ فالمراد بما فيه من الحاجة هي الحاجة المتعلقة بالدين لا ما يعمها وغيرها من الحاجات الدنيوية كما ينبئ عنه قوله أن يأتي محمدا فإن من يأتيه صلى الله عليه وسلم إنما تأتيه للأمور المتعلقة بالدين «ثم أبلغه» بعد استماعه له إن لم يؤمن «مأمنه» أي مسكنه الذي يأمن فيه وهو دار قومه «ذلك» يعني الأمر بالإجارة وإبلاغ المأمن «بأنهم» بسبب أنهم «قوم لا يعلمون» ما الإسلام وما حقيقته أو قوم جهلة فلا بد من إعطاء الأمان حتى يفهموا الحق ولا يبقى لهم معذرة أصلا «كيف يكون للمشركين عهد» شروع في تحقيق حقية ما سبق من البراءة وأحكامها المتفرعة عليها وتبيين الحكمة الداعية إلى ذلك والمراد بالمشركين الناكثون لأن البراءة إنما هي في شأنهم والاستفهام إنكاري لا بمعنى إنكار الواقع كما في قوله تعالى كيف تكفرون بالله الخ بل بمعنى إنكار الوقوع ويكون من الكون التام وكيف في محل
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308