«ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه» بنيامين أي ضمه إليه في الطعام أو في المنزل أو فيهما روى أنهم لما دخلوا عليه قالوا له هذا أخونا قد جئناك به فقال لهم أحسنتم وستجدون ذلك عندي فأكرمهم ثم أضافهم وأجلسهم مثنى مثنى فبقي بنيامين وحيدا فبكى وقال لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه فقال يوسف بقي أخوكم فريدا وأجلسه معه على مائدته وجعل يؤاكله ثم أنزل كل اثنين منهم بيتا فقال هذا لا ثاني معه فيكون معي فبات يوسف يضمه إليه ويشم رائحته حتى أصبح وسأله عن ولده فقال لي عشرة بنين أشتققت أسماءهم من اسم أخ لي هلك فقال له أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال من يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف وقام إليه وعانقه وتعرف إليه وعند ذلك «قال إني أنا أخوك» يوسف «فلا تبتئس» أي فلا تحزن «بما كانوا يعملون» بنا فيما مضى فإن الله تعالى قد أحسن إلينا وجمعنا بخير ولا تعلمهم بما أعلمتك قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعن وهب إنه لم يتعرف إليه بل قال له أنا أخوك بدل أخيك المفقود ومعنى فلا تبتئس لا تحزن بما كنت تلقى منهم من الحسد والأذى فقد أمنتهم وروى أنه قال له فأنا لا أفارقك قال قد علمت باغتمام والدي بي فإذا حبستك يزداد غمه ولا سبيل إلى ذلك إلا أن أنسبك إلى ما لا يجمل قال لا أبالي فأفعل ما بدا لك قال أدس صاعى في رحلك ثم أنادى عليك بأنك سرقته ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك معهم قال افعل «فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية» أي المشربة قيل كانت مشربة جعلت صاعا يكال به وقيل كانت تسقى بها الدواب ويكال بها الحبوب وكانت من فضة وقيل من ذهب وقيل من فضة مموهة بالذهب وقيل كانت إناء مستطيلة تشبه المكوك الفارسي الذي يلتقى طرفاه يستعمله الأعاجم وقيل كانت مرصعة بالجواهر «في رحل أخيه» بنيامين وقرئ وجعل على حذف جواب لما تقديره أمهلهم حتى انطلقوا «ثم أذن مؤذن» نادى مناد «أيتها العير» وهي الإبل التي عليها الأحمال لأنها تعير أي تذهب وتجيء وقيل هي قافلة الحمير ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عير كأنها جمع عير وأصلها فعل مثل سقف وسقف ففعل به ما فعل ببيض وغيد والمراد أصحابها كما في قوله عليه السلام يا خيل الله اركبى روى أنهم ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا منزلا وقيل خرجوا من العمارة ثم أمر بهم فأدركوا ونودوا «إنكم لسارقون» هذا الخطاب إن كان يأمر يوسف فلعله أريد بالسرقة أخذهم له من أبيه ودخول بنيامين فيه بطريق التغليب وإلا فهو من قبل المؤذن بناء على زعمه والأول هو الأظهر الأوفق للسياق وقرأ اليماني سارقون بلا لام «قالوا» أي الأخوة «وأقبلوا
(٢٩٤)