تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٠٨
جاء أمرنا» حتى هي التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية وهي مع ذلك غاية لقوله ويصنع وما بينهما حال من الضمير فيه وسخروا منه جواب لكلما وقال استئناف على تقدير سؤال سائل كما ذكرناه وقيل هو الجواب وسخروا منه بدل من مر أو صفة لملأ وقد عرفت أن الحق هو الأول لأن المقصود بيان تناهيهم في إيذائه صلى الله عليه وسلم وتحمله لأذيتهم لا مسارعته صلى الله عليه وسلم إلى جوابهم كلما وقع منهم ما يؤذيه من الكلام «وفار التنور» نبع منه الماء وارتفع بشدة كما تفور القدر بغليانها والتنور تنور الخبز وهو قول الجمهور روى أنه قيل لنوح عليه الصلاة والسلام إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب ومن معك في السفينة فلما نبع الماء أخبرته امرأته فركب وقيل كان تنور آدم عليه الصلاة والسلام وكان من حجارة فصار إلى نوح وإنما نبع منه وهو أبعد شيء من الماء على خرق العادة وكان في الكوفة في موضع مسجدها عن يمين الداخل مما يلي باب كندة وكان عمل السفينة في ذلك الموضع أو في الهند أو في موضع بالشام يقال له عين ورده وعن ابن عباس رضي الله عنه تعالى عنهما وعكرمة والزهري أن التنور وجه الأرض وعن قتادة أشرف موضع في الأرض أي أعلاه وعن علي رضي الله تعالى عنه فار التنور طلح الفجر «قلنا احمل فيها» أي في السفينة وهو جواب إذا «من كل» أي من كل نوع لا بد منه في الأرض «زوجين» الزوج ما له مشاكل من نوعه فالذكر زوج للأنثى كما هي زوج له وقد يطلق على مجموعهما فيقابل الفرد ولإزالة ذلك الاحتمال قيل «اثنين» كل منهما زوج للآخر وقريء على الإضافة وإنما قدم ذلك على أهله وسائر المؤمنين لكونه عريقا فيما أمر به من الحمل لأنه يحتاج إلى مزاولة الأعمال منه صلى الله عليه وسلم في تمييز بعضه من بعض وتعيين الأزواج فإنه روى أنه صلى الله عليه وسلم قال يا رب كيف احمل من كل زوجين اثنين فحشر الله تعالى إليه السباع والطير وغيرهما فجعل يضرب بيديه في كل جنس فيقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في اليسرى فيجعلهما في السفينة وأما البشر فإنما يدخل الفلك باختياره فيخف فيه معنى الحمل أو لأنها إنما تحمل بمباشرة البشر وهم إنما يدخلونها بعد حملهم إياها «وأهلك» عطف على زوجين أو على اثنين والمراد امرأته وبنوه ونساؤهم «إلا من سبق عليه القول» بأنه من المغرقين بسبب ظلمهم في قوله تعالى ولا تخاطبني في الذين ظلموا الآية والمراد به ابنه كنعان وأمه واعلة فإنهما كانا كافرين والاستثناء منقطع إن أريد بالأهل الأهل إيمانا وهو الظاهر كما ستعرفه أو متصل إن أريد به الأهل قرابة ويكتفي في صحة الاستثناء المعلومية عند المراجعة إلى أحوالهم والتفحص عن أعمالهم وجئ بعلي لكون السابق ضارا لهم كما جيء باللام فيما هو نافع لهم من قوله عز وجل ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين وقوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى «ومن آمن» من غيرهم وإفراد الأهل منهم للاستثناء المذكور وإيثار صيغة الإفراد في آمن محافظة على لفظ من للإيذان بقلتهم كما أعرب عنه قوله عز قائلا «وما آمن معه إلا قليل» قيل كانوا ثمانية نوح عليه الصلاة والسلام وأهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم وعن ابن إسحق كانوا عشرة خمسة رجال وخمس نسوة وعنه أيضا أنهم كانوا عشرة سوى نسائهم وقيل كانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وأولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء واعتبار المعية في إيمانهم للإيماء إلى المعية في مقر الأمان والنجاة
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308