الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٩٧
الموازين هي الكفتان فيوضع في هذه اليسرى فترجح إحداهما وتخف الأخرى وقد علمنا النور والظلمة فما الصراط قال طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها وهو مثل حد الموسى والملائكة حفافه يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون رب سلم سلم وافئدتهم هواء فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه فيها * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طرق عن علي رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنذر عشيرتك الأقربين دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا علي أن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت انى مهما أبادئهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره فصمت عليها حتى جاء جبريل فقال يا محمد انك ان لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك فاصنع لي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واجعل لنا عسا من لبن ثم أجمع لي بنى عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال كلوا بسم الله فاكل القوم حتى تملوا عنه ما ترى الا آثار أصابعهم والله ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم ثم قال اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا وأيم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال لقد سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد قال يا علي أن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل ان أكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا وشربوا حتى نهلوا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا بنى عبد المطلب انى والله ما اعلم أحدا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به انى قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله ان أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على أمرى هذا فقلت وأنا أحدثهم سنا انه أنا فقام القوم يضحكون * وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا منهم العشرة يأكلون المسنة ويشربون العس وامر عليا برجل شاة صنعها لهم ثم قربها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ منها بضعة فاكل منها ثم تتبع بها جوانب القصعة ثم قال ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منها جرعة فناولهم فقال اشربوا بسم الله فشربوا حتى رووا عن آخرهم فقطع كلامهم رجل فقال لهم ما سحركم مثل هذا الرجل فأسكت النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم بدرهم بالكلام فقال يا بنى عبد المطلب انى انا النذير إليكم من الله والبشير قد جئتكم بما لم يجئ به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله وانذر عشيرتك الأقربين قال أمر الله محمدا صلى الله عليه وسلم أن ينذر قومه ويبدأ باهل بيته وفصيلته قال وكذب به قومك وهو الحق * وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ وانذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين * وأخرج ابن مردويه وابن عساكر والديلمي عن عبد الواحد الدمشقي قال رأيت أبا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم وولده وأهل بيته جلوس في جانب الدار يتحدثون فقيل له يا أبا الدرداء ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم وأهل بيتك جلوس لاهين فقال انى سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أزهد الناس في الأنبياء وأشدهم عليهم الأقربون وذلك فيما انزل الله وانذر عشيرتك الأقربين إلى آخر الآية ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم وانه يشفع في أهله وجيرانه فإذا مات خلا عنهم من مردة الشياطين أكثر من عدد ربيعة ومضر قد كانوا مشتغلين به فأكثروا التعوذ بالله منهم * وأخرج ابن عساكر عن محمد بن جحادة ان كعبا لقى أبا مسلم الخولاني فقال كيف كرامتك على قومك قال انى عليهم لكريم قال انى أجد في التوراة غير ما تقول قال وما هو قال وجدت في التوراة انه لم يكن حكيم في قوم الا كان أزهدهم فيه قومه ثم
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست