الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
علمت ولم تشكك بان محمدا * رسول ببرهان فمن ذا يقاومه * وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ضبة بن محصن العبري قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أنت خير من أبى بكر فبكى وقال والله لليلة من أبى بكر ويوم خير من عمر هل لك ان أحدثك بليلته ويومه قال قلت نعم يا أمير المؤمنين قال أما ليلته فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هاربا من أهل مكة خرج ليلا فتبعه أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمشى مرة امامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك قال يا رسول الله أذكر الرصد فأكون امامك واذكر الطلب فأكون خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك قال فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه انها قد حفيت حمله على كاهله وجعل يشد به حتى أتى فم الغار فأنزله ثم قال والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فان كان فيه شئ نزل بي قبلك فدخل فلم ير شيئا فحمله فادخله وكان في الغار خرق فيه حياة وأفاعي فخشى أبو بكر رضي الله عنه ان يخرج منهن شئ يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقمه قدمه فجعلن يضربنه وتلسعه الأفاعي والحيات وجعلت دموعه تتحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له يا أبا بكر لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته أي طمأنينته لأبي بكر رضي الله عنه فهذه ليلته وأما يومه فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدت العرب فقال بعضهم نصلى ولا نزكي وقال بعضهم لا نصلى ولا نزكي فأتيته ولا آلوه نصحا فقلت يا خليفة رسول الله تالف الناس وارفق بهم فقال جبار في الجاهلية خوار في الاسلام بماذا أتألفهم أبشعر مفتعل أو بشعر مفترى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتفع الوحي فوالله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه قال فقاتلنا معه فكان والله رشيد الامر فهذا يومه * واخرج أبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه وعروة رضي الله عنه انهم ركبوا في كل وجه يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم ويجعلون لهم الجعل العظيم وأتوا على ثور الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلعوا فوقه وسمع أبو بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم أصواتهم وأشفق أبو بكر وأقبل عليه الهم والخوف فعند ذلك يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن ان الله معنا ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سكينة من الله فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم * وأخرج ابن شاهين وابن مردويه وابن عساكر عن حبشي بن جنادة قال قال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله لو أن أحدا من المشركين رفع قدمه لأبصرنا قال يا أبا بكر لا تحزن ان الله معنا * وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن الذين طلبوهم صعدوا الجبل فلم يبق الا ان يدخلوا فقال أبو بكر رضي الله عنه أتينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن ان الله معنا وانقطع الأثر فذهبوا يمينا وشمالا * وأخرج ابن عساكر عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر رضي الله عنه معه لم يأمن على نفسه غيره حتى دخلا الغار * وأخرج ابن شاهين والدار قطني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أنت صاحبي في الغار وأنت معي على الحوض * وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عباس عن أبي هريرة مثله * وأخرج ابن عدي وابن عساكر من طريق الزهري عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان رضي الله عنه هل قلت في أبى بكر شيئا قال نعم قال قل وأنا اسمع فقال وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدو به إذ صاعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال صدقت يا حسان هو كما قلت * وأخرج خيثمة بن سليمان الأطرابلسي في فضائل الصحابة وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إن الله ذم الناس كلهم ومدح أبا بكر رضي الله عنه فقال الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست