الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
الله صلى الله عليه وسلم في التوراة يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزى بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء حتى يقولوا لا إله إلا الله ويفتح أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا * وأخرج الدارمي عن كعب قال في السطر الأول محمد رسول الله عبدي المختار لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وفى السطر الثاني محمد رسول الله أمته الحمادون يحمدون الله في السراء والضراء يحمدون الله في كل منزلة ويكبرونه على كل شرف رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة ويا تزرون على أوساطهم ويوضئون أطرافهم وأصواتهم بالليل في جو السماء كأصوات النحل * وأخرج ابن سعد والدارمي وابن عساكر عن أبي فروة عن ابن عباس انه سال كعب الأحبار كيف قد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال كعب نجده محمد بن عبد الله يولد بمكة ويهاجر إلى طابة ويكون ملكه بالشام وليس بفحاش ولا سخاب في الأسواق ولا يكافئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر أمته الحمادون يحمدون الله في كل سواء ويكبرون الله على كل نجد ويوضئون أطرافهم ويا تزرون في أوساطهم يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم دويهم في مساجدهم كدوي النحل يسمع مناديهم في جو السماء * وأخرج أبو نعيم والبيهقي معافى الدلائل عن أم الدرداء قالت قلت لكعب كيف تجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال نجده موصوفا فيها محمد رسول الله اسمه المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق وأعطى المفاتيح ليبصر الله به أعينا عورا ويسمع به آذانا صما ويقيم به السنة معوجة حتى يشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعين المظلوم ويمنعه من أن يستضعف * وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صفتي أحمد المتوكل مولده بمكة ومهاجره إلى طيبة ليس بفظ ولا غليظ يجزى بالحسنة الحسنة ولا يكافئ بالسيئة أمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوضئون أطرافهم أناجيلهم في صدورهم يصفون للصلاة كما يصفون للقتال قربانهم الذي يتقربون به إلى دماؤهم رهبان بالليل ليوث بالنهار * وأخرج أبو نعيم عن كعب قال إن أبى كان من أعلم الناس بما أنزل الله على موسى وكان لم يدخر عنى شيئا مما كان يعلم فلما حضره الموت دعاني فقال لي يا بنى انك قد علمت انى لم أدخر عنك شيئا مما كنت أعلمه الا انى قد حبست عنك ورقتين فيهما نبي يبعث قد أظل زمانه فكرهت أن أخبرك بذلك فلا آمن عليك أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى وطينت عليهما فلا تعرضن لهما ولا تنظرن فيهما حينك هذا فان الله ان يرد بك خيرا ويخرج ذلك النبي تتبعه ثم انه مات فدفناه فلم يكن شئ أحب إلى من أن أنظر في الورقتين ففتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين فإذا فيهما محمد رسول الله خاتم النبيين لا نبي بعده مولده بمكة ومهاجره بطيبة لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ويجزى بالسيئة الحسنة ويعفو ويصفح أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال تذلل ألسنتهم بالتكبير وينصر نبيهم على كل من ناواه يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم أناجيلهم في صدورهم وتراحمهم بينهم تراحم بنى الام وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم فمكثت ما شاء الله ثم بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة فاخرت حتى استثبت ثم بلغني أنه توفى وان خليفته قد قام مقامه وجاءتنا جنوده فقلت لا أدخل في هذا الدين حتى أنظر سيرتهم وأعمالهم فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت حتى قدمت علينا عمال عمر بن الخطاب فلما رأيت وفائهم بالعهد وما صنع الله لهم على الأعداء علمت أنهم هم الذين كنت أنتظر فوالله انى لذات ليلة فوق سطحي فإذا رجل من المسلمين يتلو قول الله يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل ان نطمس وجوها الآية فلما سمعت هذه الآية خشيت ان لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي فما كان شئ أحب إلى من الصباح فغدوت على المسلمين * وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب ان يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانير فتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما عندي ما أعطيك قال فإني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني قال اذن أجلس معك يا محمد فجلس معه فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والغداة
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست