الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤١
غيره ما بذلك بعثني ولا أمرني فأنزل الله في ذلك من قولهما ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباد إلى من دون الله إلى قوله بعد إذا أنتم مسلمون ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم واقرارهم به على أنفسهم فقال وإذ أخذ الله ميثاق النبيين إلى قوله من الشاهدين * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال ذكر لنا ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنه مات يهوديا فأكذبهم الله ونفاهم منه فقال يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وتزعمون أنه كان يهوديا أو نصرانيا وما أنزلت التوراة والإنجيل الا من بعده فكانت اليهودية بعد التوراة وكانت النصرانية بعد الإنجيل أفلا تعقلون * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم قال اليهود والنصارى برأه الله منهم حين ادعى كل أمة أمة منهم والحق به المؤمنين من كان من أهل الحنيفية * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم قالت النصارى كان نصرانيا وقالت اليهود كان يهوديا فأخبرهم الله ان التوراة والإنجيل انما أنزلنا من بعده وبعده كانت اليهودية والنصرانية * وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم يقول فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم يقول فيما لم تشهدوا ولم تروا ولم تعاينوا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة مثله * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في الآية قال أما الذي لهم به علم فما حرم عليهم وما أمرا به وأما الذي ليس لهم به علم فشأن إبراهيم * وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال يعذر من حاج بعلم ولا يعذر من حاج بالجهل * قوله تعالى (ما كان إبراهيم يهوديا) الآية * أخرج ابن جرير عن الشعبي قال قالت اليهود إبراهيم على ديننا وقالت النصارى هو على ديننا فأنزل الله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا الآية فأكذبهم الله وأدحض حجتهم * وأخرج عن الربيع مثله * وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال قال كعب وأصحابه ونفر من النصارى ان إبراهيم منا وموسى منا والأنبياء منا فقال الله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما * وأخرج ابن جرير عن سالم بن عبد الله لا أراه الا يحدثه عن أبيه ان زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسال عن الدين ويتبعه فلقى عالما من اليهود فسأله عن دينه وقال انى لعلى ان أدين دينكم فأخبرني عن دينكم فقال له اليهودي انك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله قال زيد ما أفر الا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا فهل تدلني على دين ليس فيه فهذا قال ما أعلمه الا أن تكون حنيفا قال وما الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وكان لا يعبد الا الله فخرج من عنده فلقى عالما من النصارى فسأله عن دينه فقال انى لعلى ان أدين دينكم فأخبرني عن دينكم قال إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله قال لا أحتمل من لعنة الله شيئا ولا من غضب الله شيئا أبدا فهل تدلني على دين ليس فيه هذا فقال له نحو ما قاله اليهودي لا أعلمه الا أن تكون حنيفا فخرج من عندهم وقد رضى الذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم فلم يزل رافعا يديه إلى الله وقال اللهم إني أشهدك انى على دين إبراهيم * قوله تعالى (ان أولى الناس بإبراهيم) الآية * أخرج عبد بن حميد من طريق شهر بن حوشب حدثني ابن غنم انه لما أن خرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي أدركهم عمرو بن العاصي وعمارة بن أبي معيط فأرادوا عنتهم والبغي عليهم فقدموا على النجاشي وأخبره ان هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة انما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك ويشتموا ربك فأرسل إليهم النجاشي فلما ان أتوه قال ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذا ان لعمر وبن العاصي وعمارة بن أبي معيط يزعمان انما جئتم لتخبلوا على ملكي وتفسدوا على أرضى فقال عثمان بن مظعون وحمزة ان شئتم فخلوا بين أحدنا وبين النجاشي فلنكلمه فانا أحدثكم سنا فان كان صوابا فالله يأتي به وان كان أمرا غير ذلك قلتم رجل شاب لكم في ذلك عذر فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانه وتراجمته ثم سألهم أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم ما يقول لكم وما يأمر كم به وما ينهاكم عنه هل له كتاب يقرؤه قالوا نعم هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه وما قد سمع منه وهو يأمر بالمعروف ويأمر بحسن المجاورة ويأمر باليتيم ويأمر بان يعبد الله وحده ولا يعبد معه إله آخر فقرأ عليه
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة