الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣٣١
فتنته سوداء مظلمة ثم قرأ هذه الآية والله أعلم * قوله تعالى (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم) الآية * أخرج الطيالسي وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال الذي حاج إبراهيم في ربه هو نمرود بن كنعان * وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والربيع والسدي مثله * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم ان أول جبار كان في الأرض نمرود وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده الطعام فخرج إبراهيم عليه السلام يمتار مع من يمتار فإذا مر به ناس قال من ربكم قالوا له أنت حتى مر به إبراهيم فقال من ربك قال الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر فرده بغير طعام فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب من رمل أعفر فقال ألا آخذ من هذا فأتي به أهلي فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم فاخذ منه فأتى أهله فوضع متاعه ثم نام فقامت امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هو بأجود طعام رآه أحد فصنعت له منه فقربته إليه وكان عهده باهله انه ليس عندهم طعام فقال من أين هذا قالت من الطعام الذي جئت به فعرف ان الله رزقه فحمد الله ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأنا أتركك على ملكك فهل رب غيري فأبى فجاءه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه ثم أتاه الثالثة فأبى عليه فقال له الملك فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام فجمع الجبار جموعه فامر الله الملك ففتح عليه بابا من البعوض فطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها فبعثها الله عليهم فأكلت شحومهم وشربت دماءهم فلم يبق الا العظام والملك كما هو لم يصبه من ذلك شئ فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه وكان جبارا أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ثم أماته الله وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء فأتى الله بنيانه من القواعد * وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم قال نمروذ بن كنعان يزعمون أنه أول من ملك في الأرض أتى برجلين قتل أحدهما وترك الآخر فقال أنا أحي وأميت قال استحي اترك من شئت وأميت أقتل من شئت * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال كنا نحدث انه ملك يقال له نمرود بن كنعان وهو أول ملك تجبر في الأرض وهو صاحب الصرح ببابل ذكر لنا انه دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيا الآخر فقال أنا استحي من شئت وأقتل من شئت * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله قال أنا أحيي وأميت قال أقتل من شئت واستحي من شئت أدعه حيا فلا أقتله وقال ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين والكافران بختنصر ونمرود بن كنعان لم يملكها غيرهم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدى قال لما خرج إبراهيم من النار ادخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه وقال له من ربك قال ربى الذي يحي ويميت قال نمروذ انا أحي وأميت انا أدخل أربعة نفر بيتا فلا يطعمون ولا يسقون حتى إذا هلكوا من الجوع أطعمت اثنين وسقيتهما فعاشا وتركت اثنين فماتا فعرف إبراهيم انه يفعل ذلك قال له فان ربى الذي يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر وقال إن هذا انسان مجنون فاخرجوه ألا ترون انه من جنونه اجترأ على آلهتكم فكسرها وان النار لم تأكله وخشي ان يفتضح في قومه * وأخرج أبو الشيخ عن السدى والله لا يهدى القوم الظالمين قال إلى الايمان * قوله تعالى (أو كالذي مر على قرية) الآية * أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله أو كالذي مر على قرية قال خرج عزير نبي الله من مدينته وهو شاب فمر على قرية خربة وهي خاوية على عروشها فقال انى يحي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه فأول ما خلق منه عيناه فجعل ينظر إلى عظامه وينظم بعضها إلى بعض ثم كسيت لحما ثم نفخ فيه الروح فقيل له كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فأتى مدينته وقد ترك جارا له إسكافا شابا فجاء وهو شيخ كبير * وأخرج اسحق ابن بشر والخطيب وابن عساكر عن عبد الله بن سلام ان عزيرا هو العبد الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه * وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس عزير بن سروخا هو الذي قال الله في كتابه أو كالذي مر على قرية الآية * وأخرج ابن جرير عن عكرمة وقتادة وسليمان بن بريدة والضحاك والسدي مثله * وأخرج إسحاق بن بشر
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست