الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
دفعت لكم مالي تخلون عنى قالوا نعم فدفعت إليهم مالي فخلوا عنى فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ربح البيع صهيب مرتين * وأخرج ابن سعد والحرث بن أبي أسامة في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال يا معشر قريش قد علمتم انى من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمى بكل سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقى في يدي فيه شئ ثم افعلوا ما شئتم وان شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة وخليتم سبيلي قالوا نعم فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال ربح البيع ربح البيع ونزلت ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد * وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن جريج في قوله ومن الناس من يشرى نفسه قال نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر * وأخرج ابن جرير والطبراني عن عكرمة في قوله ومن الناس من يشرى نفسه الآية قال نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري وجندب بن السكن أحد أهل أبي ذر أما أبو ذر فانفلت منهم فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجع مهاجرا عرضوا له وكانوا بمر الظهران فانفلت أيضا حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وأما صهيب فاخذه أهله فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجرا فأدركه قنفذ بن عمير بن جدعان فخرج مما بقى من ماله وخلى سبيله * وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن صهيب قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هممت بالخروج فصدني فتيان من قريش ثم خرجت فلحقني منهم ناس بعد ما سرت بريد البردوني فقلت لهم هل لكم ان أعطيكم أواقي من ذهب وتخلوا سبيلي ففعلوا فقلت احفروا تحت أسكفة الباب فان تحتها الأواقي وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء قبل ان يتحول منها فلما رآني قال يا أبا يحيى ربح البيع ثم تلا هذه الآية * وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ومن الناس من يشرى نفسه الآية قال هم المهاجرون والأنصار * وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة قال كنا في غزاة فتقدم رجل فقاتل حتى قتل فقالوا ألقى بيده إلى التهلكة فكتب فيه إلى عمر فكتب عمر ليس كما قالوا هو من الذين قال الله فيهم ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن محمد بن سيرين قال حمل هشام بن عامر على الصف حتى خرقه فقالوا ألقى بيده فقال أبو هريرة ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله * وأخرج البيهقي في سننه عن مدركة بن عوف الأحمسي انه كان جالسا عند عمر فذكروا رجلا شرى نفسه يوم نهاوند فقال ذاك خالي زعم الناس انه ألقى بنفسه إلى التهلكة فقال عمر كذب أولئك هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا * وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله قال نزلت في صهيب وفي نفر من أصحابه أخذهم أهل مكة فعذبوهم ليردوهم إلى الشرك بالله منهم عمار وأمية وسمية وأبو ياسر وبلال وخباب وعباس مولى حويطب عن عبد العزى * وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن صهيب ان المشركين لما أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فاقبلوا على الغار وأدبروا قال وا صهيباه ولا صهيب لي فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج بعث أبا بكر مرتين أو ثلاثا إلى صهيب فوجده يصلى فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وجدته يصلى فكرهت ان أقطع عليه صلاته فقال أصبت وخرجا من ليلتهما فلما أصبح خرج حتى أتى أم رومان زوجة أبى بكر فقالت الا أراك ههنا وقد خرج أخواك ووضعا لك شيئا من زادهما قال صهيب فخرجت حتى دخلت على زوجتي أم عمرو فأخذت سيفي وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأجده وأبا بكر جالسين فلما رآني أبو بكر قام إلى فبشرني بالآية التي نزلت في وأخذ بيدي فلمته بعض اللائمة فاعتذر وربحني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ربح البيع أبا يحيى * وأخرج ابن أبي خيثمة وابن عساكر عن مصعب بن عبد الله قال هرب صهيب من الروم ومعه مال كثير فنزل بمكة فعاقد عبد الله بن جدعات وحالفه وانما أخذت الروم صهيبا بن رضوى فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحفه صهيب فقال له قريش لا تلحقه بأهلك ومالك فدفع إليهم ماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ربح البيع وأنزل الله في
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست