الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٥١
فاقتتلوا فأسروا الحكم بن كيسان وعبد الله بن المغيرة وانقلب المغيرة وقتل عمر والحضرمي قتله واقد بن عبد الله فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلما رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال قال المشركون محمد يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير لا يحل وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عنه محمدا والفتنة وهي الشرك أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام فذلك قوله وصد عن سبيل الله وكفر به الآية * وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال إن رجلا من بنى تميم أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في سرية فمر بابن الحضرمي يحمل خمرا من الطائف إلى مكة فرماه بسهم فقتله وكان بين قريش ومحمد عقد فقتله في آخر يوم من جمادى الآخرة وأول يوم من رجب فقالت قريش في الشهر الحرام ولنا عهد فأنزل الله قل قتال فيه كبير الآية يقول كفر به وعبادة الأوثان أكبر من قتل ابن الحضرمي * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك الغفاري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش فلقى ناسا من المشركين ببطن نخلة والمسلمون يحسبون انه آخر يوم من جمادى وهو أول يوم من رجب فقتل المسلمون ابن الحضرمي فقال المشركون ألستم تزعمون أنكم تحرمون الشهر الحرام والبلد الحرام وقد قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه إلى قوله أكبر عند الله من الذي استكبرتم من قتل ابن الحضرمي والفتنة التي أنتم عليها مقيمون يعنى الشرك أكبر من القتل * وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الزهري عن عروة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية من المسلمين وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا فيها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقى من الشهر الحرام فاختصم المسلمون فقال قائل منهم هذه غزوة من عدو وغنم رزقتموه ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا وقال قائل لا نعلم اليوم الا من الشهر الحرام ولا نرى ان تستحلوه لطمع أشفقتم عليه فغلب على الامر الذين يريدون عرض الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره فبلغ ذلك كفار قريش وكان ابن الحضرمي من أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا أتحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله عز وجل يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله إلى آخر الآية فحدثهم الله في كتابه ان القتال في الشهر الحرام حرام كما كان وان الذي يستحلون من المؤمنين هو أكبر من ذلك فمن صدهم عن سبيل الله حين يسخمونهم ويعذبونهم ويحبسونهم ان يهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرهم بالله وصدهم للمسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه واخراجهم أهل المسجد الحرام وهم سكانه من المسلمين وفتنتهم إياهم عن الدين فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه حتى أنزل الله عز وجل براءة من الله ورسوله * وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري ومقسم قالا لقى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي أول ليلة من رجب وهو يرى أنه من جمادى فقتله فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية قال الزهري فكان النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا يحرم القتال في الشهر الحرام ثم أحل بعد * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق يزيد بن رومان عن عروة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش إلى نخلة فقال له كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال وذلك في الشهر الحرام وكتب له كتابا قبل ان يعلمه انه يسير فقال اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه فما أمرتك به فامض له ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من اخبار قريش بما اتصل إليك منهم فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب سمع وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطق معي فإني ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كره ذلك منكم فليرجع فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني ان أستكره منكم أحدا فمضى معه القوم حتى إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست