الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ٥٦٠
التنكير على أنه خبر ثان وإن جعل الاسم الكريم مبتدأ وأحد خبره ففيه من ضمير الشأن ما فيه من التفخيم والتعظيم فأتى بالجملة الثانية على نحو الأولى بتعريف الجزأين للحصر تفخيما وتعظيما قاعدة أخرى تتعلق بالتعريف والتنكير 3610 إذا ذكر الاسم مرتين فله أربعة أحوال لأنه إما أن يكونا معرفتين أو نكرتين أو الأول نكرة والثاني معرفة أو بالعكس 3611 فإن كانا معرفتين فالثاني هو الأول غالبا دلالة على المعهود الذي هو في الأصل في اللام أو الإضافة نحو * (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم) * * (فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص) * * (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة) * * (وقهم السيئات ومن تق السيئات) * * (لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات) * 3612 وإن كانا نكرتين فالثاني غير الأول غالبا وإلا لكان المناسب هو التعريف بناء على كونه معهودا سابقا نحو * (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) * فإن المراد بالضعف الأول النطفة وبالثاني الطفولية وبالثالث الشيخوخة 3613 وقال ابن الحاجب في قوله تعالى * (غدوها شهر ورواحها شهر) * الفائدة في إعادة لفظ الشهر الإعلام بمقدار زمن الغدو وزمن الرواح والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحسن فيها الإضمار ولو أضمر فالضمير إنما يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته فإذا لم يكن له وجب العدول عن المضمر إلى الظاهر 3614 وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى * (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) * فالعسر الثاني هو الأول واليسر الثاني غير الأول ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الآية لن يغلب عسر يسرين
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»