الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ١ - الصفحة ٥٦٣
3621 وقد ذكر الشيخ بهاء الدين في آخر كلامه إن المراد بذكر الاسم مرتين كونه مذكورا في كلام واحد أو كلامين بينهما تواصل بأن يكون أحدهما معطوفا على الآخر وله به تعلق ظاهر وتناسب واضح وأن يكونا من متكلم واحد ودفع بذلك إيراد آية القتال لأن الأول فيها محكي عن قول السائل والثاني محكي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة في الإفراد والجمع 3622 من ذلك السماء والأرض حيث وقع في القرآن ذكر الأرض فإنها مفردة ولم تجمع بخلاف السماوات لثقل جمعها وهو أرضون ولهذا لما أريد ذكر جميع الأرضين قال * (ومن الأرض مثلهن) * وأما السماء فذكرت تارة بصيغة الجمع وتارة بصيغة الإفراد لنكت تليق بذلك المحل لما أوضحته في أسرار التنزيل والحاصل أنه حيث أريد العدد أتي بصيغة الجمع الدالة على سعة العظمة والكثرة نحو * (سبح لله ما في السماوات) * أي جميع سكانها على كثرتهم * (يسبح لله ما في السماوات) * أي كل واحد على اختلاف عددها * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) * إذ المراد نفي علم الغيب عن كل من هو في واحدة من السماوات وحيث أريد الجهة أتي بصيغة الإفراد نحو * (وفي السماء رزقكم) * * (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) * أي من فوقكم 3623 ومن ذلك الريح ذكرت مجموعة ومفردة فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت أو في سياق العذاب أفردت 3624 أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب ولهذا ورد في الحديث اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهبات والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكانت في
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»