لفظ، أو توضيحا لمشكل، أو تأكيدا لحكم، أو تفصيلا لمجمل، أو تخصيصا لعام، أو تقييدا لمطلق.. إلخ.
وكان الصحابة - رضوان الله عليهم - حراصا على حفظ القرآن، وفهم معانيه، وفقه أحكامه..
قال أبو عبد الرحمن السلمي:
" حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات، لم يتجاوزها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعا ".
وإذا كان العرب الخلص الذين لم تعكر عربيتهم عجمة - يحتاجون إلى التفسير، فنحن أولى وأحوج، بل وأشد حاجة إلى تفسير القرآن الكريم، إذ صار البون بعيدا بين العرب والفصحى.
يقول السيوطي (1):
" ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه، وزيادة على ذلك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر، لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم، فنحن أشد احتياجا إلى التفسير ".
والحاجة إلى التفسير " إنما هي حاجة عارضة نشأت من سببين:
السبب الأول: هو أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وإنما كان نزوله وتبليغه في ظرف زمني متسع جدا، قدره أكثر من عشرين عاما، فكان ينزل منجما على أجزاء مع فواصل زمنية متراخية بين تلك الأجزاء، وكان نزوله في تقدم بعض أجزائه وتأخر البعض الاخر، على ترتيب يختلف عن ترتيبه التعبدي، لان ترتيب تاريخ النزول كان منظورا فيه إلى مناسبة الظروف والوقائع، مناسبة ترجع إلى ركن من أركان مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وترتيب التلاوة أو الترتيب التعبدي، كان منظورا فيه إلى تسلسل المعاني وتناسب أجزاء الكلام بعضها مع بعض،... والترتيب الأول مؤقت زائل بزوال ملابساته من الوقائع والأزمنة والأمكنة.