ومواعظ وآداب ولطائف التصوف مع الاختصار قل أن توجد لغيره، وبالجملة فقدره فوق ما يذكر، ومن تفرغ فذكر حاله وفوائده وحكمه ورسائله جمع منها مجلدا.
وهو آخر أئمة الصوفية المحققين الجامعين لعلمي الحقيقة والشريعة، له كرامات عديدة، وحج مرات، وأخذ عنه جماعة من الأئمة، كالشمس اللقاني، والعالم محمد بن عبد الرحمن الحطاب، والزين طاهر القسنطيني، وغيرهم، وقد أجازني سيدي الشيخ الصوفي أحمد بن أبي القاسم الهروي التادلي ما أجازه شيخه العريف الخروبي تلميذ زروق عنه. توفي ب " تكرين " من عمل " طرابلس " (1) في صفر عام تسعة وتسعين وثمانمائة، ووجدت منسوبا إليه من نظمه قوله: (الطويل) ألا قد هجرت الخلق طرا بأسرهم * لعلي أرى محبوب قلبي بمقلتي وخلف أصحابي وأهلي وجيرتي * وتيمت نجلي واعتزلت عشيرتي ووجهت وجهي للذي فطر السما * وأعرضت عن أفلاكها المستنيرة وعلقت قلبي بالمعالي تهمسا * وكوشفت بالتحقيق من غير مرية وقلدت سيف العز في مجمع الوغى * وصرت إمام الوقت صاحب رفعة وملكت أرض الغرب طرا بأسرها * وكل بلاد الشرق في طي قبضتي فملكنيها بعض من كان عارفا * وخلفني فيها بأحسن سيرتي فأرفع قدرا ثم أخفض رتبة * لأرفع مقدارا بأرفع حكمتي وأعزل قوما ثم أولي سواهم * وأعلي منار البعض فوق المنصة وأجبر مكسورا وأشهر خاملا * وأرفع مقدارا بأرفع همتي وأقهر جبارا وأدحض ظالما * وأنظر مظلوما بسلطان سطوتي وألهمت أسرارا وأعطيت حكمة * وحزت مقامات العلا المستنيرة أنا لمريدي جامع لشتاته * إذا ما سطا جور الزمان بنكبة وإن كنت في كرب وضيق ووحشة * فناد أبا زروق، آت بسرعة فكم كربة تجلى بمكنون عزنا * وكم طرفة تجني بأفراد صحبتي