أي: ولم ينج إلا جفن سيف، فهو استثناء من المشفوع فيهم الجائز فيه الحذف، وهو متصل. فإن جعلته مستثنى من * (الذين يدعون) *، فيكون منفصلا، والمعنى: ولا يملك آلهتهم، ويعني بهم الأصنام والأوثان، الشفاعة. كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله. ولكن * (من شهد بالحق) *، وهو توحيد الله، وهو يعلم ما شهد به، هو الذي يملك الشفاعة، وإن أدرجت الملائكة في * (الذين يدعون) *، كان استثناء متصلا. وقرأ الجمهور: * (فأنى يؤفكون) *، بياء الغيبة، مناسبا لقوله: * (ولئن سألتهم) *، أي كيف يصرفون عن عبادة من أقروا أنه موجد العالم. وعبد الوارث، عن أبي عمرو: بتاء الخطاب. وقرأ الجمهور: وقيله، بالنصب. فعن الأخفش: أنه معطوف على سرهم ونجواهم، وعنه أيضا: على وقال قيله، وعن الزجاج، على محل الساعة في قوله: * (وعنده علم الساعة) *. وقيل: معطوف على مفعول يكتبون المحذوف، أي يكتبون أقوالهم وأفعالهم. وقيل: معطوف على مفعول يعلمون، أي يعلمون الحق. * (وقيله يارب * رب) *: وهو قول لا يكاد يعقل، وقيل: منصوب على إضمار فعل، أي ويعلم قيله. وقرأ السلمي، وابن وثاب، وعاصم، والأعمش، وحمزة، وقيله، بالخفض، وخرج على أنه عطف على الساعة، أو على أنها واو القسم، والجواب محذوف، أي: لينصرن، أو لأفعلن بهم ما أشاء. وقرأ الأعرج، وأبو قلابة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، ومسلم بن جندب: وقيله بالرفع، وخرج على أنه معطوف على علم الساعة، على حذف مضاف، أي وعلم قيله حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه. وروي هذا عن الكسائي، وعلى الابتداء، وخبره: يا رب إلى لا يؤمنون، أو على أن الخبر محذوف تقديره مسموع، أو متقبل، فجملة النداء وما بعده في موضع نصب بو قيله. وقرأ أبو قلابة: يا رب، بفتح الباء؛ أراد: يا ربا، كما تقول: يا غلام. ويتخرج على جواز الأخفش: يا قوم، بالفتح وحذف الألف والاجتزاء بالفتحة عنها. وقال الزمخشري: والذي قالوه يعني من العطف ليس بقوي في المعنى، مع وقوع الفصل بين المعطوف والمعطف عليه بما لا يحسن اعتراضا، ومع تنافر النظم، وأقوى من ذلك. والوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه، والرفع على قولهم: أيمن الله، وأمانة الله، ويمين الله، ولعمرك، ويكون قوله: * (إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) *، جواب القسم، كأنه قال: وأقسم بقيله، أو وقيله يا رب قسمي. * (إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) *، وإقسام الله بقيله، رفع منه وتعظيم لدعائه والتجائه إليه. انتهى، وهو مخالف لظاهر الكلام، إذ يظهر أن قوله: يا رب إلى لا يؤمنون، متعلق بقيله، ومن كلامه عليه السلام: وإذا كان أن هؤلاء جواب القسم، كان من إخبار الله عنهم وكلامه، والضمير في وقيله للرسول، وهو المخاطب بقوله: * (فاصفح عنهم) *، أي أعرض عنهم وتاركهم، * (وقل سلام) *، أي الأمر سلام، فسوف يعلمون وعيد لهم وتهديد وموادعة، وهي منسوخة بآية السيف. وقرأ الجمهور: يعلمون، بياء الغيبة، كما في: فاصفح عنهم. وقرأ أبو جعفر، والحسن، والأعرج، ونافع، وهشام: بتاء الخطاب. وقال السدي: وقل سلام، أي خيرا بدلا من شرهم. وقال مقاتل: أورد عليهم معروفا. وحكى الماوردي: قل ما تسلم به من شرهم.
(٣٠)