ونحو من هذا التخريج قول من قال: لجعلنا من الأنس ملائكة، وإن لم تجر العادة بذلك. والجواهر جنس واحد، والاختلاف بالأوصاف. * (يخلفون) *، قال السدي: يكونون خلفاءكم. وقال قتادة: يخلف بعضهم بعضا. وقال مجاهد: في عمارة الأرض. وقيل: في الرسالة بدلا من رسلكم. والظاهر أن الضمير في: * (وإنه لعلم للساعة) * يعود على عيسى، إذ الظاهر في الضمائر السابقة أنها عائدة عليه. وقال ابن عباس: ومجاهد، وقتادة، والحسن، والسدي، والضحاك، وابن زيد: أي وإن خروجه لعلم للساعة يدل على قرب قيامها، إذ خروجه شرط من أشراطها، وهو نزوله من السماء في آخر الزمان. وقال الحسن، وقتادة أيضا، وابن جبير: يعود على القرآن على معنى أن يدل إنزاله على قرب الساعة، أو أنه به تعلم الساعة وأهوالها. وقالت فرقة: يعود على النبي صلى الله عليه وسلم)، إذ هو آخر الأنبياء، تميزت الساعة به نوعا وقدرا من التمييز، ونفى التحديد التام الذي انفرد الله تعالى بعلمه. وقرأ الجمهور: لعلم، مصدر علم. قال الزمخشري: أي شرط من أشراطها تعلم به، فسمى العلم شرطا لحصول العلم به. وقرأ ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو مالك الغفاري، وزيد بن علي، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، ومالك بن دينار، والأعمش، والكلبي. قال ابن عطية، وأبو نصرة: لعلم، بفتح العين واللام، أي لعلامة. وقرأ عكرمة به. قال ابن خالويه، وأبو نصرة: للعلم، معرفا بفتحتين.
* (فلا تمترن بها) *: أي لا تشكون فيها، * (واتبعون هاذا) *: أي هداي أو شرعي. وقيل: أي قل لهم يا محمد: واتبعوني هذا، أي الذي أدعوكم له، أو هذا القرآن؛ كان الضمير في قال القرآن، ثم حذرهم من إغواء الشيطان، ونبه على عداوته * (بالبينات) *: أي المعجزات، أو بآيات الإنجيل الواضحات. * (بالحكمة) *: أي بما تقتضيه الحكمة الإلهية من الشرائع. قال السدي: بالحكمة: النبوة. وقال أيضا: قضايا يحكم بها العقل. وذكر القشيري والماوردي: الإنجيل. وقال الضحاك: الموعظة. * (ولابين لكم بعض الذى تختلفون فيه) *: وهو أمر الديانات، لأن اختلافهم يكون فيها، وفي غيرها من الأمور التي لا تتعلق بالديانات. فأمور الديانات بعض ما يختلفون فيه، وبين لهم في غيره ما احتاجوا إليه. وقيل: بعض ما يختلفون فيه من أحكام التوراة. وقال أبو عبيدة: بعض بمعنى كل، ورده الناس عليه. وقال مقاتل: هو كقوله: * (ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم) *، أي في الإنجيل: لحم الإبل، والشحم من كل حيوان، وصيد السمك يوم السبت. وقال مجاهد: بعض الذي يختلفون فيه من تبديل التوراة. وقيل: مما سألتم من أحكام التوراة. وقال قتادة: ولأبين لكم اختلاف القرون الذين تحزبوا في أمر عيسى في قوله: * (قد جئتكم بالحكمة) *، وهم قومه المبعوث إليهم، أي من تلقائهم ومن أنفسهم، بان شرهم ولم يدخل عليهم الاختلاف من غيرهم. وتقدم الخلاف في اختلافهم في سورة مريم في قوله: * (فاختلف الاحزاب من بينهم) *.
* (هل ينظرون) *: الضمير لقريش، و * (أن تأتيهم) *: بدل من الساعة، أي إتيانها إياهم. * (الاخلاء يومئذ) *: قيل نزلت في أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط. والتنوين في يومئذ عوض عن الجملة المحذوفة، أي يوم إذ تأتيهم الساعة، ويومئذ منصوب بعد، والمعنى: أنه ينقطع كل خلة وتنقلب الأخلة المتقين، فإنها لا تزداد إلا قوة. وقيل: * (إلا المتقين) *: إلا المجتنبين أخلاء السوء، وذلك أن أخلاء السوء كل منهم يرى أن الضرر دخل عليه من خليله، كما أن المتقين يرى كل منهم النفع دخل عليهم من خليله. وقرئ: يا عبادي، بالياء، وهو الأصل، ويا عباد بحذفها، وهو الأكثر، وكلاهما في السبعة. وعن المعتمر بن سليمان: سمع أن الناس حين يبعثون، ليس منهم أحد إلا يفزغ فينادي مناد * (المتقين ياعباد لا خوف عليكم) *، فيرجوها الناس كلهم، فيتبعها * (الذين كفروا) *، قال: فييأس منها الكفار. وقرأ الجمهور: لا خوف، مرفوع منون؛ وابن محيصن: بالرفع من غير تنوين؛ والحسن، والزهري، وابن أبي إسحاق، وعيسى، وابن يعمر: بفتحها من غير تنوين، و * (الذين كفروا) * صفة ليا عبادي.
* (تحبرون) *: تسرون سرورا يظهر حباره، أي أثره على وجوهكم، لقوله تعالى: * (تعرف فى وجوههم نضرة النعيم) *. وقال الزجاج: يكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة: المبالغة فيما وصف بجميل وأمال أبو الحرث عن الكسائي. * (بصحاف) *