بقوله: * (ولقد نصركم الله) * أي نصركم ليقطع. قال: ويجوز أن يتعلق بقوله: * (وما النصر إلا من عند الله) *. ويجوز أن تكون متعلقة بيمددكم. وقال ابن عطية: وقد يحتمل أن تكون اللام متعلقة بجعله، وقيل: هو معطوف على قوله. ولتطمئن، وحذف حرف العطف منه، التقدير: * (ولتطمئن قلوبكم به) *، وتكون الجملة من قوله: وما النصر إلا من عند الله اعتراضية بين المعطوف عليه والمعطوف. والذي يظهر أن تتعلق بأقرب مذكور وهو: العامل في من عند الله وهو خبر المبتدأ. كأن التقدير: وما النصر إلا كائن من عند الله، لا من عند غيره. لأحد أمرين: إما قطع طرف من الكفار بقتل وأسر، وإما بخزي وانقلاب بخيبة. وتكون الألف واللام في النصر ليست للعهد في نصر مخصوص، بل هي للعموم، أي: لا يكون نصر أي نصر من الله للمسلمين على الكفار إلا لأحد أمرين.
2 (* (ليس لك من الا مر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون * ولله ما فى السماوات وما فى الا رض يغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء والله غفور رحيم * ياأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التىأعدت للكافرين * وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) *)) 2 * (خائبين ليس لك من الامر شىء) * اختلف في سبب النزول وملخصه: أنه لعن ناسا أو شخصا عين أنه عتبة بن أبي وقاص، أو أشخاصا دعا عليهم وعينوا: أبا سفيان، والحارث بن هشام، وصفوان بن أمية. أو قبائل عين منها: لحيان، ورعل، وذكوان، وعصية. أو هم بسبب الذين انهزموا يوم أحد، أو استأذن ربه أن يدعو. ودعا يوم أحد حين شج في وجهه، وكسرت رباعيته، ورمي بالحجارة، حتى صرع لجنبه، فلحقه ناس من فلاحهم، ومال إلى أن يستأصلهم الله ويريح منهم، فنزلت. فعلى هذه الأسباب يكون معنى الآية: التوقيف على أن جميع الأمور إنما هي لله، فيدخل فيها هداية هؤلاء وإقرارهم على حالة. وفي خطابه: دليل على صدور أمر منه أو هم به، أو استئذان في الدعاء كما تقدم ذكره، وأن عواقب الأمور بيد الله. قال الكوفيون: نسخت هذه الآية القنوت على رعل وذكوان وعصية وغيرهم من المشركين. وقال السخاوي: ليس هذا شرط الناسخ، لأنه لم ينسخ قرآنا.
* (أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) * قيل: هو عطف على ما قبله من الأفعال المنصوبة. ويكون قوله: ليس لك من الأمر شيء جملة اعتراضية، والمعنى: أن الله مالك أمرهم، فإما أن يهلكهم، أو يهزمهم، أو يتوب عليهم إن أسلموا، أو يعذبهم إن أصروا على الكفر. وقيل: أن مضمرة بعد أو، بمعنى: إلا أن، وهي التي في قولهم: لألزمنك أو تقضيني حقي، والمعنى: أنه ليس له من أمرهم شيء إلا أن يتوب الله عليهم بالإسلام فيسر بهداهم، أو يعذبهم بقتل وأسر في الدنيا، أو بنار في الآخرة، فيستشفى بذلك ويستريح. وعلى هذا التأويل تكون الجملة المنفية للتأسيس، لا للتأكيد. وقيل: أو يتوب معطوف على الأمر. وقيل: على شيء. أي:
ليس لك من الأمر، أو من توبتهم، أو تعذيبهم شيء. أوليس لك من الأمر شيء، أو تعذيبهم. والظاهر من هذه التخاريج الأربعة هو الأول. وأبعد من ذهب إلى أن قوله: ليس لك من الأمر، أي أمر الطائفتين اللتين همتا أن تفشلا.
وقال ابن بحر: من الأمر أي، من هذا النصر، وإنما هو من الله كما قال: * (وما رميت إذ رميت) * وقيل: المراد بالأمر أمر القتال. والظاهر الحمل على العموم، والأمور كلها لله تعالى.
وقرأ أبي: أو يتوب عليهم أو يعذبهم برفعهما على معنى: أو هو يتوب عليهم، ثم نبه على العلة المقتضية للتعذيب بقوله: فإنهم ظالمون، وأتى بأن الدالة على التأكيد في نسبة الظلم إليهم.
* (ولله ما فى * السماوات وما في الارض