أربعة، أبدل التاء هاء، ثم نقل حركة همزة أربعة إليها، وحذف الهمزة، فأجرى الوصل مجرى الوقف في الإبدال. ولأجل الوصل نقل إذ لا يكون هذا النقل إلا في الوصل.
وقرئ شاذا بثلاثة آلاف بتكسين التاء في الوصل، أجراه مجرى الوقف. واختلفوا في هذه التاء الساكنة أهي بدل من الهاء التي يوقف عليها أم تاء التأنيث هي؟ وهي التي يوقف عليها بالتاء كما هي؟ وهي لغة.
وقرأ الجمهور منزلين بالتخفيف مبنيا للمفعول، وابن عامر بالتشديد مبنيا للمفعول أيضا، والهمزة والتضعيف للتعدية فهما سيان. وقرأ ابن أبي عبلة: منزلين بتشديد الزاي وكسرها مبنيا للفاعل. وبعض القراء بتخفيفها وكسرها مبنيا للفاعل أيضا، والمعنى: ينزلون النصر.
* (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هاذا يمددكم ربكم بخمسة ءالاف من الملئكة مسومين) * رتب تعالى على مجموع الصبر والتقوى وإتيان العدد من فورهم إمداده تعالى المؤمنين بأكثر من العدد السابق وعلقه على وجودها، بحيث لا يتأخر نزول الملائكة عن تحليهم بثلاثة الأوصاف. ومعنى من فورهم: من سفرهم. هذا قاله ابن عباس. أو من وجههم هذا قاله: الحسن، وقتادة، والسدي. قيل: وهي لغة هذيل، وقيس، وغيلان، وكنانة: أو من غصبهم هذا قاله: مجاهد، وعكرمة، والضحاك، وأبو صالح مولى أم هانىء أو معناه في نهضتهم هذه قاله: ابن عطية. أو المعنى من ساعتهم هذه قاله الزمخشري.
ولفظة الفور تدل على السرعة والعجلة. تقول: افعل هذا على الفور، لا على التراخي. ومنه الفور في الحج والوضوء. وفي إسناد الإمداد إلى لفظة ربكم دون غيره من أسماء الله إشعار بحسن النظر لهم، واللطف بهم.
وقرأ الصاحبان والأخوان مسومين بفتح الواو، وأبو عمرو وابن كثير وعاصم: بكسرها. وقيل: من السوم، وهي العلامة يكون على الشاة وغيرها، يجعل عليها لون يخالف لونها لتعرف. وقيل: من السوم وهو ترك البهيمة ترعى. فعلى الأول روي أن الملائكة كانت بعمائم بيض، إلا جبريل فبعمامة صفراء كالزبير قاله: ابن إسحاق، والزجاج. وقيل: بعمائم صفر كالزبير قاله: عروة وعبد الله ابنا الزبير، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، والكلبي وزاد: مرخاة على أكتافهم. قيل: وكانوا على خيل بلق، وكانت سيماهم قاله: قتادة، والربيع. أو خيلهم مجزوزة النواصي والأذناب، معلمتها بالصوف والعهن. قاله: مجاهد. فبفتح الواو ومعلمين، وبكسرها معلمين أنفسهم أو خيلهم. ورجح الطبري قراءة الكسر، بأنه عليه الصلاة والسلام قاله يوم بدر: * (* سوموا فإن الملائكة قد سومته) * وعلى القول الثاني: وهو السوم. فمعنى مسومين بكسر الواو: وسوموا خيلهم أي أعطوها من الجري والجولان للقتال، ومنه سائمة الماشية. وأما بفتح الواو فيصح فيه هذا المعنى أيضا، قاله: المهدوي وابن فورك. أي سومهم الله تعالى، بمعنى أنه جعلهم يجولون ويجرون للقتال. وقال أبو زيد: سوم الرجل خيله أي أرسلها في الغارة. وحكى بعض البصريين: سوم الرجل غلامه أرسله وخلى سبيله. ولهذا قال الأخفش: معنى مسومين مرسلين. وفي الآية دليل على جواز اتخاذ العلامة للقبائل والكتائب لتتميز كل قبيلة وكتيبة عند الحرب.
* (بخمسة ءالاف من الملئكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به) * الظاهر أن الهاء في جعله عائدة على المصدر والمفهوم من يمددكم وهو الإمداد. وجوز أن يعود على التسويم، أو على النصر، أو على التنزيل، أو على العدد، أو على الوعد. وإلا بشرى مستثنى من المفعول له، أي: ما جعله الله لشيء إلا بشرى لكم. فهو استثناء فرغ له العامل، وبشرى مفعول من أجله. وشروط نصبه موجودة وهو: