تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
يشاء خص نفسه بذلك كقوله: * (ومن يغفر الذنوب إلا الله) * نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم) * وفي * (*) * وفي * (العزيز الحكيم) * لأن العز من ثمرات النصر، والتدبير الحسن من ثمرات الحكمة.
والتشبيه: في ليقطع طرفا، شبه من قتل منهم وتفرق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه وانخرم نظامه، وفي: ولتطمئن قلوبكم شبه زوال الخوف عن القلب وسكونه عن غليانه باطمئنان الرجل الساكن الحركة. وفي: فينقلبوا خائبين شبه رجوعهم بلا ظفر ولا غنيمة بمن أمل خيرا من رجل فأمه، فأخفق أمله وقصده. والطباق: في نصركم وأنتم أذلة، النصر إعزاز وهو ضد الذل. وفي: يغفر ويعذب، الغفران ترك المؤاخذة والتعذيب المؤاخذة بالذنب. والتجوز بإطلاق التثنية على الجمع في: أن يفشلا. وبإقامة اللام مقام إلى في: ليس لك أي إليك، أو مقام على: أي ليس عليك. والحذف والاعتراض في مواضع اقتضت ذلك والتجنيس المماثل في: أضعافا مضاعفة. وتسمية الشيء بما يؤول إليه في: لا تأكلوا سمى الأخذ أكلا، لأنه يؤول إليه.
2 (* (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والا رض أعدت للمتقين * الذين ينفقون فى السرآء والضرآء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين * والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولائك جزآؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الا نهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين * قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الا رض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين * هاذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين * ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الا علون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الا يام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين ءامنوا ويتخذ منكم شهدآء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين ءامنوا ويمحق الكافرين) *)) 2 الكظم: الإمساك على غيظ وغم. والكظيم: الممتلىء أسفار، وهو المكظوم. وقال عبد المطلب:
* فخضضت قومي واحتسبت قتالهم * والقوم من خوف المنايا كظم * وكظم الغيظ رده في الجوف إذا كان يخرج من كثرته، فضبطه ومنعه كظم له. ويقال: كظم القربة إذا شدها وهي ملأى. والكظام: السير الذي يشد به فمها. وكظم البعير: جرته ردها في جوفه، أو حبسها قبل أن يرسلها إلى فيه
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»