تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٠
الثقيلة، واسمها محذوف ضمير الشأن، وخبرها الجملة المنفية بلا. وإن ما بعدها في تأويل مصدر مجرور على أنه بدل اشتمال من الذين، فيكون هو المستبشر به في الحقيقة. أو منصوب على أنه مفعول من أجله، فيكون علة للاستبشار، والمستبشر به غيره. التقدير: لأنه لا خوف عليهم. والذوات لا يستبشر بها فلا بد من تقدير مضاف مناسب، وتقدم تفسير: لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فأغني عن إعادته.
وفي ذكر حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم بعث للباقين بعدهم على ازدياد الطاعة، والجد في الجهاد، والرغبة في نيل منازل الشهداء وإصابة فضلهم، وإحماد لحال من يرى نفسه في خير فيمتنى مثله لإخوانه في الله، وبشرى للمؤمنين بالفوز في المآب قاله: الزمخشري. وهو كلام حسن.
قيل: وتضمنت هذه الآيات من ضروب البديع، الطباق في قوله: لقد من الله الآية، إذ التقدير من الله عليهم بالهداية، فيكون في هذا المقدر. وفي قوله: في ضلال مبين، وفي: يقولون بأفواههم، والقول ظاهر ويكتمون. وفي قالوا لإخوانهم وقعدوا، إذ التقدير حين خرجوا وقعدوا هم. وفي: أمواتا بل أحياء وفي: فرحين ويحزنون. والتكرار في: وليعلم المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا الاختلاف متعلق العلم. وفي فرحين ويستبشرون. والتجنيس المغاير في: إصابتكم مصيبة، والمماثل في: أصابتكم قد أصبتم. والاستفهام الذي يراد به الإنكار في: أو لما أصابتكم. والاحتجاج النظري في: قل فادرأوا عن أنفسكم. والتأكيد في: ولا هم يحزنون. والحذف في عدة مواضع لا يتم المعنى إلا بتقديرها.
2 (* (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين * الذين استجابوا لله والرسول من بعد مآ أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم * إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين * ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا فى الا خرة ولهم عذاب عظيم * إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم * ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خير لانفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين * ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشآء فأامنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم * ولا يحسبن الذين يبخلون بمآ ءاتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»