تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
والا رض والله بما تعملون خبير) *)) ) * الحظ النصيب، وإذا لم يقيد فإنما يستعمل في الخير. ماز و مير: فصل الشيء من الشيء. قال يعقوب: هما لغتان بمعنى واحد انتهى. والتضعيف ليس للنقل. وقيل: التشديد أقرب إلى الفخامة وأكثر في الاستعمال، ألا ترى أنهم استعملوا المصدر على نية التشديد فقالوا: التمييز، ولم يقولوا الميز انتهى. ويعني: ولم تقولوه مسموعا، وأما بطريق القياس فيقال. وقيل: لا يكون ما زالا في كثير من كثير، فأما واحد من واحد فيتميز على معنى يعزل، ولهذا قال أبو معاذ: يقال: ميزت بين شيئين، ومزت بين الأشياء. اجتبى: اختار واصطفى، وهي من جبيت الماء، والمال وجبوتهما فاجتبى، افتعل منه. فيحتمل أن تكون اللام واو أو ياء.
* (يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) * كرر الفعل على سبيل التوكيد، إن كانت النعمة والفضل بيانا لمتعلق الاستبشار الأول، قاله: الزمخشري. قال: وكرر يستبشرون ليعلق به ما هو بيان لقوله: * (أن لا * خوف عليهم ولا هم يحزنون) * من ذكر النعمة والفضل، وأن ذلك أجر لهم على إيمانهم، يجب في عدل الله وحكمته أن يحصل لهم ولا يضيع انتهى. وهو على طريقة الاعتزال، في ذكره وجوب الأجر وتحصيله على إيمانهم. وسلك ابن عطية طريقة أهل السنة فقال: أكد استبشارهم بقوله: يستبشرون، ثم بين بقوله: وفضل إدخالهم الجنة الذي هو فضل منه، لا بعمل أحد، وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال انتهى.
وقال غيرهما: هو بدل من الأول، فلذلك لم يدخل عليه واو العطف. ومن ذهب إلى أن الجملة حال من الضمير في يحزنون، ويحزنون هو العامل فيها، فبعيد عن الصواب. لأن الظاهر اختلاف المنفى عنه الحزن والمستبشر، ولأن الحال قيد، والحزن ليس بمقيد. والظاهر أن قوله: يستبشرون ليس بتأكيد للأول، بل هو استئناف متعلق بهم أنفسهم، لا بالذين لم يلحقوا بهم. فقد اختلف متعلق الفعلين، فلا تأكيد لأن هذا المستبشر به هو لهم، وهو: نعمة الله عليهم وفضله. وفي التنكثير دلالة على بعض غير معين، وإشارة إلى إبهام المراد تعظيما لأمره وتنبيها على صعوبة إدراكه، كما جاء فيها * (ما لا عين * ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون * وإذا بشر) * والظاهر تباين النعمة والفضل للعطف، ويناسب شرحهما أن ينزل على قوله: * (للذين أحسنوا الحسنى) * وزيادة فالحسنى هي النعمة، والزيادة هي الفضل لقرينة قوله: أحسنوا وقوله * (للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) *.
وقال الزجاج: النعمة هي الجزاء والفضل زائد عليه قدر الجزاء. وقيل: النعمة قدر الكفاية، والفضل المضاعف عليها مع مضاعفة السرور بها واللذة. وقيل: الفضل داخل في النعمة دلالة على اتساعها، وأنها ليست كنعم الدنيا. وقرأ الكسائي وجماعة: وإن الله بكسر الهمزة على الاستئناف ويؤيده قراءة عبد الله ومصحفه: والله لا يضيع أجره. وقال الزمخشري: وعلى أن
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»