له فيهم نسب، من قبل أمهاته، إلا بني تغلب لنصرانيتهم قاله: النقاش، فصار بعثه فيهم شرفا لهم على سائر الأمم.
ويكون معنى من أنفسهم: أي من جنسهم عربيا مثلهم. وقيل: من ولد إسماعيل، كما أنهم من ولده. قال ابن عباس وقتادة: قال من أنفسهم لكونه معروف النسب فيهم، معروفا بالأمانة والصدق. قال أبو سليمان الدمشقي: ليسهل عليهم التعليم منه، لموافقة اللسان. وقال الماوردي: لأن شرفهم يتم بظهور نبي منهم انتهى.
والمنة عليهم بكونه من أنفسهم، إذ كان اللسان واحدا، فيسهل عليهم أخذ ما يجب أخذه عنه. وكانوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة، فكان ذلك أقرب إلى تصديقه والوثوق به. وقرئ شاذا: لمن من الله على المؤمنين بمن الجارة ومن مجرور بها بدل قد من. قال الزمخشري: وفيه وجهان: أن يراد لمن من الله على المؤمنين منه أو بعثه فيهم، فحذف لقيام الدلالة. أو يكون إذ في محل الرفع كإذا في قولك: أخطب ما يكون الأمير، إذ كان قائما بمعنى لمن من الله على المؤمنين وقت بعثه انتهى.
أما الوجه الأول فهو سائغ، وقد حذف المبتدأ مع من في مواضع منها: * (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به) * * (وما منا إلا له مقام) * * (وما * دون ذلك) * على قول. وأما الوجه الثاني فهو فاسد، لأنه جعل إذ مبتدأة ولم يستعملها العرب متصرفة البتة، إنما تكون ظرفا أو مضافا إليها اسم زمان، ومفعولة باذكر على قول. أما أن تستعمل مبتدأة فلم يثبت ذلك في لسان العرب، ليس في كلامهم نحو: إذ قام زيد طويل وأنت تريد وقت قيام زيد طويل. وقد قال أبو علي الفارسي: لم ترد إذ وإذا في كلام العرب إلا ظرفين، ولا يكونان فاعلين ولا مفعولين، ولا مبتدأين انتهى كلامه. وأما قوله: في محل الرفع كإذا، فهذا التشبيه فاسد، لأن المشبه مرفوع بالابتداء، والمشبه به ليس مبتدأ. إنما هو ظرف في موضع الخبر على زعم من يرى ذلك. وليس في الحقيقة في موضع رفع، بل هو في موضع نصب بالعامل المحذوف، وذلك العامل هو مرفوع. فإذا قال النحاة: هذا الظرف الواقع خبرا في محل الرفع، فيعنون أنه لما قام مقام المرفوع صار في محله، وهو في التحقيق في موضع نصب كما ذكرنا. وأما قوله في قولك: أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما، فهذا في غاية الفساد. لأن هذا الظرف على مذهب من يجعله في موضع خبر المبتدأ الذي هو أخطب، لا يجيز أن ينطق به، إنما هو أمر تقديري. ونص أرباب هذا المذهب وهم القائلون بإعراب أخطب مبتدأ، أن هذه الحال سدت مسد الخبر، وأنه مما يجب حذف الخبر فيه لسد هذه الحال مسده. وفي تقرير هذا الخبر أربعة مذاهب، ذكرت في مبسوطات النحو.
وقرأ الجمهور: من أنفسهم بضم الفاء، جمع نفس. وقرأت فاطمة، وعائشة، والضحاك،