يكون وراءه إلا الصف والصفان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم): (لقد هممت أحرق على قوم لا يشهدون الصلاة بيوتهم) فنزلت هذه الآية: * (حافظوا على الصلوات والصلواة الوسطى) *.
الرابع: أنها المغرب، روي ذلك عن ابن عباس، وقبيصة ابن ذؤيب.
الخامس: أنها العشاء الآخرة، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في تفسيره، وحكاه أبو عمر بن عبد البر عن فرقه.
السادس: أنها الصلوات الخمس، قاله معاذ بن جبل.
السابع: أنها احدى الصلوات الخمس، لا بعينها. وبه قال: سعيد بن المسيب، وأبو بكر بالوراق، وأخفاها ليحافظ على الصلوات كلها، كما أخفى ليلة القدر في ليالي شهر رمضان، واسم الله الأعظم في سائر الأسماء، وساعة الإجابة في يوم الجمعة، وقد رواه نافع عن ابن عمر، وقاله الربيع بن خيثم، وقد روي أنه نزلت: والصلاة الوسطى، صلاة العصر، ثم نسخت فنزلت: * (حافظوا على الصلوات والصلواة الوسطى) * فيلزم من هذا نسخ تعييينها، وأبهمت بعد أن عينت. قال القرطبي المفسر: وهو الصحيح إن شاء الله لتعارض الأدلة وعدم الترجيح، فلم يبق إلا المحافظة على جميعها وأدائها.
الثامن: أنها الجمعة، وفي سائر الأيام الظهر. روي ذلك عن علي، ذكره ابن حبيب.
التاسع: أنها العتمة والصبح، قاله عمر وعثمان.
العاشر: أنها الصبح والعصر معا، قاله أبو بكر الأبهري من فقهاء المالكية.
ورجح كل قول من الأقوال التي عينت فيها: أن الوسطى هي كذا، بأحاديث وردت في فضل تلك الصلاة، ورجح بعضها بأنها وسط بين كذا وكذا، ولا حجة في شيء من ذلك، لأن ذكر فضل صلاة معينة لا يدل على أنا التي أراد الله بقوله: * (حافظوا على) * ولأن كونها وسطا بين كذا وكذا لا يصلح أن يبنى منه أفعل التفضيل، كما بيناه قبل.
وقد صنف شيخنا الإمام المحدث، أوحد زمانه وحافظ أوانه، شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن العفيف شرف بن الخضر بن موسى الدمياطي كتابا في هذا المعنى سماه (كتاب كشف المغطى في تبيين الصلاة الوسطى) قرأناه عليه، ورجح فيه أنها صلاة العصر، وأن ذلك مروي نصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، روى ذلك عنه: علي بن أبي طالب، واستفاض ذلك عنه، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عباس، وسمرة بن جيدب، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وأبو هاشم بن عتبة بن ربيعة. وذكر فيه بقية الأقاويل العشرة التي سردناها، وزاد سبعة أقاويل:
أحدها: أنها الجمعة خاصة. الثاني: أنها الجماعة في جميع الصلوات. الثالث: أنها صلاة الخوف. الرابع: أنها الوتر، واختاره أبو الحسن علي بن محمد السخاوي النحوي المقري. الخامس: أنها صلاة عيد الأضحى. السادس: أنها صلاة العيد يوم الفطر. السابع: أنها صلاة الضحى، حكاه بعضهم وتردد فيه.
فإن ثبت هذا القول فيكون تمام سبعة عشر قولا، والذي ينبغي أن نعول عليه منها هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهو: أنها صلاة العصر، وبه قال شيخنا الحافظ أبو محمد، رحمه الله، أخبرنا المسند أبو بكر محمد بن أبي الطاهر إسماعيل بن عبد المحسن الدمشقي، بقراءتي عليه بالقاهرة من ديار مصر، حرسها الله، عن أبي الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي المقري، قال: أخبرنا فقيه الحرم: أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغفار بن محمد بن عبد الغفار الفارسي (ح).
وأخبرنا أستادنا العلامة أبو جعفر، أحمد بن إبراهيم بن الزبير بالثقفي، بقراءتي عليه بغرناطة، من جزيرة الأندلس، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى الفارقي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز بن زغيبة المشاور، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث (ح).
وأخبرنا القاضي أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص، مناولة عن أبي القاسم أحمد بن عمر بن أحمد الخزرجي، وهو آخر من