مما يفعلن في أنفسهن من: تزويج، وترك إحداد، وتزين، وخروج، وتعرض للخطاب، إذا كان ذلك بالمعروف شرعا.
ويتعلق: فيما فعلن، بما يتعلق به، عليكم أي: فلا جناح يستقر عليكم فيما فعلن.
وما، موصولة، والعائد محذوف، أي: فعلنه، و: من معروف، في موضع الحال من الضمير المحذوف في: فعلن، فيتعلق بمحذوف أي فعلنه كائنا من معروف.
وجاء هنا: من معروف، نكرة مجرورة بمن، وفي الآية الناسخة لها على قول الجمهور، جاء: بالمعروف، معرفا مجرورا بالباء.
والألف واللام فيه نظيرتها في قولك: لقيت رجلا، ثم تقول: الرجل من وصفه كذا وكذا، وكذلك: إن الآية السابقة متقدمة في التلاوة متأخرة في التنزيل، وهذه بعكسها، ونظير ذلك * (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم) * على ظاهر ما نقل مع قوله: * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) *.
* (والله عزيز حكيم) * ختم الآية بهاتين الصفتين، فقوله: عزيز، إظهار للغلبة والقهر لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور، أو أخرجهن وهن لا يخترن الخروج، ومشعر بالوعيد على ذلك. وقوله: حكيم، إظهار أن ما شرع من ذلك فهو جار على الحكمة والإتقان، ووضع الأشياء مواضعها.
قال ابن عطية: وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلا ما قاله الطبري عن مجاهد وفي ذلك نظر على الطبري. إنتهى كلامه.
وقد تقدم أول الآي ما نقل عن مجاهد من أنها محكمة، وهو قول ابن عطية في ذلك.
* (وللمطلقات متاع بالمعروف) * ظاهره العموم كما ذهب إليه أبو ثور، وقد تقدم في قوله: * (ومتعوهن) * اختلاف العلماء فيما يخصص به العموم، فأغنى عن إعادته، وتعلق: بالمعروف، بما تعلق به للمطلقات، وقيل بقوله: متاع، وقيل: المراد بالمتاع هنا نفقة العدة.
* (حقا على المتقين) *. قال ابن زيد: نزلت هذه الآية مؤكدة لأمر المتعة، لأنه نزل قبل: * (حقا على المحسنين) * فقال رجل: فإن لم أرد أن أحسن لم أمتع، فنزلت * (حقا على المتقين) *.
وإعراب: حقا، هنا كإعراب: حقا على المحسنين، وظاهر: المتقين: من يتصف بالتقوى التي هي أخص من اتقاء الشرك، وخصوا بالذكر تشريفا لهم، أو لأنهم أكثر الناس وقوفا، والله أسرعهم لامتثال أمر الله، وقيل: على المتقين أي: متقي الشرك.
* (كذلك يبين الله لكم آياته) * أي مثل هذا التبيين الذي سبق من الأحكام، يبين لكم في المستقبل ما بقي من الأحكام التي يكلفها العباد.
* (لعلكم تعقلون) * ما يراد منكم من التزام الشرائع والوقوف عندها، لأن التبيين للأشياء مما يتضح للعقل بأول إدراك، بخلاف الأشياء المغيبات والمجملات، فإن العقل يرتبك فيها، ولا يكاد يحصل منها على طائل.
قيل: وفي هذه الآيات من بدائع البديع، وصنوف الفصاحة: النقل من صيغة: افعلوا، إلى: فاعلوا، للمبالغة وذلك في: حافظوا، والاختصاص بالذكر في: والصلاة الوسطى، والطباق المعنوي في: فإن خفتم.
لأن التقدير في: حافظوا، وهو مراعاة أوقاتها وهيآتها إذا كنتم آمنين، والحذف في: فإن خفتم، العدو، أو ما جرى مجراه. وفي: فرجالا، أي: فصلوا رجالا، وفي: وصية لأزواجهم، سواء رفع أم نصب، وفي: غير إخراج، أي: لهن من مكانهن الذي يعتدون فيه، وفي: فإن خرجن من بيوتهن من غير رضا منهن، وفي: فيما فعلن في أنفسهن، أي: من ميلهن إلى التزويج أو الزينة بعد انقضاء المدة وفي: بالمعروف، أي: عادة أو شرعا وفي: عزيز، أي: انتقامه، وفي: حكيم، في أحكامه. وفي قوله: حقا، أي: حق ذلك حقا، وفي: على المتقين، أي عذاب الله والتشبيه: في: كما عملكم، والتجنيس المماثل: وهو أن يكون بفعلين أو بأسمين، وذلك في: علمكم ما لم تكونوا تعلمون، والتجنيس المغاير: في غير إخراج فان خرجهن، والمجاز في: يتوفون، أي يقاربون الوفاة، والتكرار: في متاعا إلى الحول، ثم قال: وللمطلقات متاع، فيكون للتأكيد إن كان إياه ولاختلاف المعنيين إن كان غيره.