تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
وقال آخر:
* إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم * فقد خاب من يصلى بها وسعيرها * وقال آخر:
* لو كان لي وزهير ثالث وردت * من الحمام عدانا شر مورود * وقال رجل من طيء:
* إذا بنا، بل أنيسان، أتقت فئة * ظلت مؤمنة ممن تعاديها * وقال العباس بن مرادس:
* أكر على الكتيبة لا أبالي * أحتفي كان فيها أم سواها * وأنشد سيبويه رحمه الله:
* فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيام من عجب * وقال آخر:
* أبك آية بي أو مصدر * من حمر الجلة جأب جسور * فأنت ترى هذا السماع وكثرته، وتصرف العرب في حرف العطف، فتارة عطفت بالواو، وتارة بأو، وتارة ببل، وتارة بأم، وتارة بلا، وكل هذا التصرف يدل على الجواز، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار كقوله، تعالى: * (وعليها وعلى الفلك تحملون) * * (فقال لها وللارض ائتيا طوعا أو كرها) * * (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب) * وقد خرج على العطف بغير إعادة الجار قوله: * (ومن لستم له برازقين) * عطفا على قوله: * (لكم فيها معايش) * أي: ولمن. وقوله: * (وما يتلى عليكم) * عطفا على الضمير في قوله: فيهن، أي: وفيما يتلى عليكم.
وأما القياس فهو أنه كما يجوز أن يبدل منه ويؤكد من غير إعادة من غير إعادة جار، كذلك يجوز أن يعطف عليه من غير إعادة جار، ومن احتج للمنع بأن الضمير كالتنوين، فكان ينبغي أن لا يجوز العطف عليه إلا مع الإعادة لأن التنوين لا يعطف عليه بوجه، وإذا تقرر أن العطف بغير إعادة الجار ثابت من كلام العرب في نثرها ونظمها، كأن يخرج عطف: والمسجد الحرام، على الضمير في: به، أرجح، بل هو متعين، لأن وصف الكلام، وفصاحة التركيب تقتضي ذلك.
وإخراج أهله، معطوف على المصدر قبله، وهو مصدر مضاف للمفعول، التقدير: وإخراجكم أهله، والضمير في: أهله، عائد على: المسجد الحرام، وجعل، المؤمنين أهله لأنهم القائمون بحقوقه، أو لأنهم يصيرون أهله في العاقبة، ولم يجعل المقيمين
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»