تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
عن ذلك، وعدم قبول الإيمان، وأنهم يرتبون على الشيء غير مقتضاه، فيكذبون بالآيات التي جاءت دالة على الصدق.
ثم أخبر تعالى: أن من بدل نعمة الله عاقبه أشد العقاب، قابل نعمة الله التي هي مظنة الشكر بالكفر، ثم ذكر تعالى الحامل لهم على تبديل نعم الله، وهو: تزيين الحياة الدنيا، فرغبوا في الفاني وزهدو ا في الباقي إيثارا للعاجل على الآجل، ثم ذكر مع ذلك استهزاءهم بالمؤمنين، حيث ما يتوهم في وصف الإيمان، والرغبة فيما عند الله تعالى، وذكر أنهم هم العالون يوم القيامة، ودل بذلك على أن أولئك هم السافلون، ثم ذكر أنه يرزق المؤمنين، وهم الذين يحبهم، بغير حساب، إشارة إلى سعة الرزق وعدم التقتير، والتقدير: وأعاد ذكرهم بلفظ: من يشاء، تنبيها على إرادته لهم، ومحبته إياهم، واختصاصهم به، إذ لو قال: والله يرزقهم بغير حساب، لفات هذا المعنى ذكر المشيئة التي هي الإرادة.
2 (* (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جآءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشآء إلى صراط مستقيم * أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأسآء والضرآء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألاإن نصر الله قريب * يسألونك ماذا ينفقون قل مآ أنفقتم من خير فللوالدين والا قربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم * كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولائك حبطت أعمالهم في الدنيا والا خرة وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون * إن الذين ءامنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولائك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) *)) 2 حسب: بكسر السين: يحسب، بفتحها في المضارع وكسرها، من أخوات: ظن، في طلبها اسمين: هما في مشهور قول النحاة: مبتدأ وخبر، ومعناها نسبة الخبر عن المتيقن إلى المسند إليه، وقد يأتي في المتيقن قليلا، نحو قوله:
* حسبت التقى والجود خير تجارة * رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا *
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»