تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٦
وقال آخر:
* رحت وفي رجليك ما فيهما * وقد بداهنك من المئزر * وقال آخر:
أو نهر تيرى فما تعرفكم العرب وقد خلط المفسرون هنا في الرد على أبي العباس، فأنشدوا ما يدل على التسكين مما ليست حركته حركة إعراب. قال الفارسي: أما حركة البناء فلم يختلف النحاة في جواز تسكينها، ومما يدل على صحة قراءة أبي عمر وما حكاه أبو زيد من قوله تعالى: * (ورسلنا لديهم يكتبون) *. وقراءة مسلمة ابن محارب: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذالك) *. وذكر أبو عمرو: أن لغة تميم تسكين المرفوع من يعلمه ونحو، ومثل تسكين بارئكم، قراءة حمزة، * (ومكر السيىء) *. وقرأ الزهري: باريكم، بكسر الياء من غير همز، وروي ذلك عن نافع. ولهذه القراءة تخريجان أحدهما: أن الأصل الهمزة، وأنه من برأ، فخففت الهمزة بالإبدال المحض على غير قياس، إذ قياس هذا التخفيف جعلها بين بين. والثاني: أن يكون الأصل باريكم، بالياء من غير همز، ويكون مأخوذا من قولهم: بريت القلم، إذا أصلحته، أو من البري: وهو التراب، ثم حرك حرف العلة، وإن كان قياسه تقديرا لحركة في مثل هذا رفعا وجرا، وقال الشاعر:
ويوما توافينا الهوى غير ماضي وقال آخر:
ولم تختضب سمر العوالي بالدم وقال آخر:
خبيث الثرى كأبي الأزيد وهذا كله تعليل شذوذ. وقد ذكر الزمخشري في اختصاص ذكر البارىء هنا كلاما حسنا هذا نصه. فإن قلت: من أين اختص هذا الموضع بذكر البارىء؟ قلت: البارىء هو الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت، * (ما ترى فى خلق الرحمان من تفاوت) *، ومتميزا بعضه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم
(٣٦٦)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»