تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٤
البعث: الإحياء، وأصله الإثارة، قال الشاعر:
* أنيخها ما بدا لي ثم أبعثها * كأنها كاسر في الجو فتخاء * وقال آخر:
* وفتيان صدق قد بعثت بسحرة * فقاموا جميعا بين عان ونشوان * وقيل: أصله الإرسال، ومنه: * (ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا) *، وتأتي بمعنى الإفاقة من الغشي أو النوم، * (وكذالك بعثناهم ليتساءلوا بينهم) *، والقدر المشترك بين هذه المعاني هو إزالة ما يمنع عن التصرف. ظلل: فعل، وهو مشتق من الظل، والظل أصله المنفعة، والسحابة ظلة لما يحصل تحتها من الظل، ومنه قيل: السلطان ظل الله في الأرض، قال الشاعر:
* فلو كنت مولى الظل أو في ظلاله * ظلمت ولكن لا يدي لك بالظلم * الغمام: اسم جنس بينه وبين مفرده هاء التأنيث، تقول: غمامة وغمام، نحو حمامة وحمام، وهو السحاب. وقيل: ما ابيض من السحاب، وقال مجاهد: هو أبرد من السحاب وأرق، وسمي غماما لأنه يغم وجه السماء: أي يستره، ومنه: الغم والغمم والأغم والغمة والغمى والغماء، وغم الهلال: ستر، والنبت الغميم: هو الذي يستر ما يسامته من وجه الأرض. المن: مصدر مننت، أي قطعت، والمن: الإحسان، والمن: صمغة تنزل على الشجر حلوة، وفي المراد به في الآية أقوال ستأتي، إن شاء الله تعالى. السلوى: اسم جنس، واحدها سلواة، قاله الخليل، والألف فيها للإلحاق لا للتأنيث نحو: علقى وعلقاة، إذ لو كانت للتأنيث لما أنث بالهاء، قال الشاعر:
* وإني لتعروني لذكراك سلوة * كما انتفض السلواة من بلل القطر * وقال الكسائي: السلوى واحدة، وجمعها سلاوي. وقال الأخفش: جمعه وواحده بلفظ واحد. وقيل: جمع لا واحد له من لفظه. وقال مؤرخ السدوسي: السلوى هو العسل بلغة كنانة، قال الشاعر:
* وقاسمها بالله جهدا لأنتم * ألذ من السلوى إذا ما نشورها * وقال غيره: هو طائر. قال ابن عطية: وقد غلط الهذلي في قوله:
ألذ من السلوى إذا ما نشورها فظن السلوى العسل. وعن هذا جوابان يبينان أن هذا ليس غلطا: أحدهما: ما نقلناه عن مؤرج من كونه العسل بلغة كنانة، والثاني: أنه تجوز في قوله: نشورها لأجل القافية، فعبر عن الأكل بالشور، على سبيل المجاز، قالوا: واشتقاق السلوى من السلوة، لأنه لطيبه يسلي عن غيره. الطيب: فيعل من طاب يطيب، وهو اللذيذ، وتقدم الكلام في اختصاص هذا الوزن بالمعتل، إلا ما شذ، وفي تخفيف هذا النوع وبالمخفف منه سميت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم) طيبة.
* (وإذ قال موسى لقومه ياقوم * قوم * إنكم ظلمتم أنفسكم) *: عد صاحب المنتخب هذا إنعاما خامسا، وقيل: هذه الآية وما بعدها منقطعة مما تقدم من التذكير
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»