التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٩٣
قول مالك وأصحابه ومنعوا أيضا أن يحمله بعلاقة أو وسادة وحجتهم الآية على أن يراد بالمطهرين الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر وقد احتج مالك في الموطأ بالآية على المسألة ومن حجتهم أيضا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر الثاني أنه يجوز مسه للجنب والحائض والمحدث حدثا أصغر وهو مذهب أحمد بن حنبل والظاهرية وحملوا المطهرون على أنهم المسلمون والملائكة أو جعلوا لا يمسه لمجرد الإخبار والقول الثالث أنه يجوز مسه بالحدث الأصغر دون الأكبر ورخص مالك في مسه على غير وضوء للمعلم والصبيان لأجل المشقة واختلفوا في قراءة الجنب للقرآن فمنعه الشافعي وأبو حنيفة مطلقا وأجازه الظاهرية مطلقا وأجاز مالك قراءة الآية اليسيرة واختلف في قراءة الحائض والنفساء للقرآن عن ظهر قلب فعن مالك في ذلك روايتان وفرق بعضهم بين اليسير والكثير * (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون) * هذا خطاب للكفار والحديث المشار اليه هو القرآن ومدهنون معناه متهاونون وأصله من المداهنة وهي لين الجانب والموافقة بالظاهر لا بالباطن قال ابن عباس معناه مكذبون * (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) * قال ابن عطية أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر إنه نزل بنوء كذا وكذا والمعنى تجعلون شكر رزقكم التكذيب فحذف شكر لدلالة المعنى عليه وقرأ علي ابن أبي طالب وتجعلون شكركم أنكم تكذبون وكذلك قرأ ابن عباس إلا أنه قرأ تكذبون بضم التاء والتشديد كقراءة الجماعة وقراءة علي بفتح التاء وإسكان الكاف من الكذب أي يكذبون في قولهم نزل المطر بنوء كذا ومن هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكوكب وكافر بي مؤمن بالكوكب فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكوكب كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب والمنهي عنه في هذا الباب أن يعتقد أن للكوكب تأثيرا في المطر وأما مراعاة العوائد التي أجراها الله تعالى فلا بأس به لقوله صلى الله عليه وسلم إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة وقد قال عمر للعباس وهما في الاستسقاءكم بقي من نوء الثريا فقال العباس العلماء يقولون إتها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعا قال ابن الطيب فما مضت سبع حتى مطروا وقيل إن معنى الآية تجعلون سبب رزقكم تكذيبكم للنبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يقولون إن آمنا به حرمنا الله الرزق كقولهم إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا فأنكر الله عليهم ذلك وإعراب أنكم على هذا القول مفعول بتجعلون على حذف مضاف تقديره تجعلون سبب رزقكم التكذيب ويحتمل أن يكون مفعولا من أجله تقديره تجعلون رزقكم حاصلا من أجل أنكم تكذبون وأما على القول الأول فإعراب أنكم تكذبون مفعول لاغير * (فلولا إذا بلغت الحلقوم) * لولا هنا عرض والضمير في بلغت للنفس لأن سياق الكلام يقتضي ذلك وبلوغها للحلقوم حين الموت والفعل الذي دخلت عليه لولا هو قوله ترجعونها أي هلا رددتم النفس حين الموت ومعنى الآية احتجاج على البشر وإظهار لعجزهم لأنهم إذا حضر أحدهم الموت لم يقدروا أن يردوا روحه إلى جسده وذلك دليل على أنهم عبيد مقهورون * (وأنتم حينئذ تنظرون) * هذا خطاب لمن يحضر الميت من
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»