أقاربه وغيرهم يعني تنظرون إليه ولا تقدرون له على شئ * (ونحن أقرب إليه منكم) * يحتمل أن يريد قرب نفسه تعالى بعلمه واطلاعه أو قرب الملائكة الذين يقبضون الأرواح فيكون من قرب المسافة * (ولكن لا تبصرون) * إن أراد بقوله نحن أقرب الملائكة فقوله لا تبصرون من رؤية العين وإن أراد نفسه تعالى فهو من رؤية القلب * (فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين) * لولا هنا عرض كالأولى وكررت للتأكيد والبيان لما طال الكلام والفعل الذي دخلت عليه لولا الأولى والثانية قوله ترجعونها أي هلا رددتم النفس إلى الجسد إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين وغير مربوبين ومقهورين فافعلوا ذلك إن كنتم صادقين في كفركم وترتيب الكلام فلولا ترجعون النفس إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين فارجعوا إن كنتم صادقين * (فأما إن كان من المقربين) * الضمير في كان للمتوفى وكرر هنا ما ذكره في أول السورة من تقسيم الناس إلى ثلاثة أصناف السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال فالمراد بالمقربين هنا السابقون المذكورن هناك * (فروح وريحان) * الروح الاستراحة وقيل الرحمة روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فروح بضم الراء ومعناه الرحمة وقيل الخلود أي بقاء الروح وأما الريحان فقيل إنه الرزق وقيل الاستراحة وقيل الطيب وقيل الريحان المعروف وفي قوله روح وريحان ضرب من ضروب التجنيس * (فسلام لك من أصحاب اليمين) * معنى هذا على الجملة نجاة أصحاب اليمين وسعادتهم والسلام هنا يحتمل أن يكون بمعنى السلامة أو التحية والخطاب في ذلك يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أصحاب االيمين فأن كان النبي صلى الله عليه وسلم فالسلام بمعنى السلامة والمعنى سلام لك يا محمد منهم أي لا ترى منهم إلا السلامة من العذاب وإن كان الخطاب لأحد من أصحاب اليمين فالسلام بمعنى التحية والمعنى سلام لك أي تحية لك يا صاحب اليمين من إخوانك وهم أصحاب اليمين أي يسلمون عليك فهو كقوله إلا قيلا سلاما سلاما أو يكون بمعنى السلامة والتقدير سلامة لك يا صاحب اليمين ثم يكون قوله من أصحاب اليمين خبر ابتداء مضمر تقديره أنت من أصحاب اليمين * (وأما إن كان من المكذبين الضالين) * يعني الكفار وهم أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة * (فنزل من حميم) * النزل أول شئ يقدم للضيف * (إن هذا لهو حق اليقين) * الإشارة إلى ما تضمنته هذه السورة من أحوال الخلق في الآخرة وحق اليقين معناه الثابت من اليقين وقيل إن الحق واليقين بمعنى واحد فهو من إضافة الشئ إلى نفسه كقوله مسجد الجامع واختار ابن عطية أن يكون كقولك في أمر توكده هذا يقين اليقين أو صواب الصواب بمعنى أنه نهاية الصواب * (فسبح باسم ربك العظيم) * لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال عليه السلام اجعلوها في سجودكم فلذلك استحب مالك وغيره أن يقول في السجود سبحان ربي الأعلى وفي الركوع سبحان ربي العظيم وأوجبه الظاهرية ويحتمل أن يكون المعنى تسبيح الله بذكر أسمائه والاسم هنا جنس الأسماء والعظيم صفة للرب أو يكون الاسم هنا واحدا والتعظيم صفة له وكأنه أمره أن يسبح بالاسم الأعظم ويؤيد هذا ويشير إليه اتصال سورة الحديد بها وفي أولها التسبيح وجملة من أسماء الله وصفاته قال ابن عباس اسم الله العظيم الأعظم موجود
(٩٤)