التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول) كانوا يقولون لو كان نبيا لعذبنا الله بإذايته فقال الله * (حسبهم جهنم) * أي يكفيهم ذلك عذابا * (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا) * قيل يعني النجوى بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وحذف وصفها بذلك لدلالة الأول عليه وقيل أراد نجوى اليهود والمنافقين ويؤيد هذا قوله ليجزي الذين آمنوا * (إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا) * اختلف في سبب نزول الآية فقيل نزلت في مقاعد الحرب والقتال وقيل نزلت بسبب ازدحام الناس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصهم على القرب منه وقيل أقام النبي صلى الله عليه وسلم قوما ليجلس أشياخا من أهل بدر في مواضعهم فنزلت الآية ثم اختلفوا هل هي مقصورة على مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أو هي عامة في جميع المجالس فقال قوم إنها مخصوصة ويدل على ذلك قراءة المجلس بالإفراد وذهب الجمهور إلى أنها عامه ويدل على ذلك قراءة المجالس بالجمع وهذا هو الأصح ويكون المجلس بالإفراد على هذا للجنس والتفسيح المأمور به هو التوسع دون القيام ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقم أحد من مجلسه ثم يجلس الرجل فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا وقد اختلف في هذا النهي عن القيام من المجلس لأحد هل هو على التحريم أو الكراهة * (يفسح الله لكم) * أي يوسع لكم في جنته ورحمته * (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) * أي إذا قيل لكم ارتفعوا وقوموا فافعلوا ذلك واختلف في هذا النشوز المأمور به فقيل إذا دعوا إلى قتال أو صلاة أو فعل طاعة وقيل إذا أمروا بالقيام من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يحب الانفراد أحيانا وربما جلس قوم حتى يؤمروا بالقيام وقيل المراد القيام في المجلس للتوسع " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا االعلم درجات " فيها قولان أحدهما يرفع الله المؤمنين العلماء درجات فقوله والذين أوتوا العلم درجات صفة للذين آمنوا كقوله جاءني العاقل الكريم وأنت تريد رجلا واحدا والثاني يرفع الله المؤمنين والعلماء الصنفين جميعا درجات فالدرجات على الأول للمؤمنين بشرط أن يكونوا علماء وعلى الثاني للمؤمنين الذين ليسوا علماء وللعلماء أيضا ولكن بين درجات العلماء وغيرهم تفاوت يوجد في موضع آخر كقوله صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وقوله علية الصلاة والسلام فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم رجلا وقوله عليه السلام يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء فإذا كان لهم فضل على العابدين والشهداء فما ظنك بفضلهم على سائر المؤمنين * (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قال ابن عباس سببها أن قوما من شبان
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»