التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٩٨
الله * (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل) * عطف ولا يكونوا على أن تخشع ويحتمل أن يكون نهيا والمراد التحذير من أن يكون المؤمنون كأهل الكتب المتقدمة وهم اليهود والنصارى * (فطال عليهم الأمد) * أي مدة الحياة وقيل انتظار القيامة وقيل انتظار الفتح والأول أظهر " اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها " أي يحييها بإنزال المطر وإخراج النبات وقيل أنه تمثيل للقلوب أي يحي الله القلوب بالمواعظ كما يحي الأرض بالمطر وفي هذا تأنيس للمؤمنين الذين ندبوا إلى أن تخشع قلوبهم والأول أظهر وأرجح لأنه الحقيقة * (إن المصدقين والمصدقات) * بتشديد الصاد من الصدقة وأصله المتصدقين وكذلك قرأ أبي بن كعب وقرئ بالتخفيف من التصديق أي صدقوا الرسول عليه الصلاة والسلام * (وأقرضوا الله) * معطوف على المعنى كأنه قال إن الذين تصدقوا وأقرضوا وقد ذكرنا معنى أقرضوا في قوله من ذا الذي يقرض الله * (الصديقون) * مبالغة من الصدق أو من التصديق وكونه من الصدق أرجح لأن صيغة فعيل لاتبنى إلا من فعل ثلاثي في الأكثر وقد حكى بناؤها من رباعي كقولهم رجل مسيك من أمسك * (والشهداء عند ربهم) * يحتمل أن يكون الشهداء مبتدأ وخبره ما بعده أو يكون معطوفا على الصديقين فإن كان مبتدأ ففي المعنى قولان أحدهما أنه جمع شهيد في سبيل الله فأخبر أنهم عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والآخر أنه جمع شاهد ويراد به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم يشهدون على قومهم وإن كان معطوفا ففي المعنى قولان أحدهما أنه جمع شهيد فوصف الله المؤمنين بأنهم صديقون وشهداء أي جمعوا الوصفين وروى في هذا المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مؤمنو أمتي شهداء وتلا هذه الآية والآخر أنه جمع شاهد لأن المؤمنين يشهدون على الناس كقوله لتكونوا شهداء على الناس * (لهم أجرهم ونورهم) * هذا خبر عن الشهداء خاصة إن كان مبتدأ أو خبر عن المؤمنين إن كان الشهداء معطوفا ونورهم هو النور الذي يكون لهم يوم القيامة حسبما ذكر في هذه السورة وقيل هو عبارة عن الهدى والإيمان * (كمثل غيث أعجب الكفار نباته) * الآية معناها تشبيه الدنيا بالزرع الذي ينبته الغيث في سرعة تغيره بعد حسنه وتحطمه بعد ظهوره والكفار هنا يراد به الزرع فهو من قوله كفرت الحب إذا سترته تحت الأرض وخصهم بالذكر لأنهم أهل البصر بالزرع والفلاحة فلا يعجبهم إلا ما هو حقيق أن يعجب وقيل أراد الكفار بالله وخصهم بالذكر لأنهم أشد إعجابا بالدنيا وأكثر حرصا عليها * (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) * أي سابقوا إلى الأعمال التي تستحقون بها المغفرة فقيل المعنى كونوا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»