التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٩٠
وهي تدل على النساء وأما من قال إن الفرش هي النساء فالضمير عائد عليها وقيل يعود على الحور العين المذكورة قبل هذا وذلك بعيد فإن ذلك في وصف جنات السابقين وهذا في وصف جنات أصحاب اليمين ومعنى إنشاء النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقا آخر في غاية الحسن بخلاف الدنيا فالعجوز ترجع شابة والقبيحة ترجع حسنة * (فجعلناهن أبكارا) * روى أنهن دائمات البكارة متى عاود الوطء وجدها بكرا * (عربا) * جمع عروب وهي المتوددة إلى زوجها بإظهار محبته وعبر عنهن ابن عباس بأنهن العواشق لأزواجهن وقيل هي الحسنة الكلام * (أترابا لأصحاب اليمين) * أي مستويات في السن مع أزواجهن وروى أنهن يكونون في سن أبناء ثلاث وثلاثين عاما ولأصحاب اليمين يتعلق بقوله أنشأناهن على ما قاله الزمخشري ويحتمل أن يتعلق بأترابا وهذا هو الذي يقتضيه المعنى أي أترابا لأزواجهن * (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) * أي جماعة من أول هذه الأمة وجماعة من آخرها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرقنان من أمتي وفي ذلك رد على من قال إنهما من غير هذه الأمة وتأمل كيف جعل أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين بخلاف السابقين فإنهم قليل في الآخرين وذلك لأن السابقين في أول هذه الأمة أكثر منهم في آخرها لفضيلة السلف الصالح وأما أصحاب اليمين فكثير في أولها وآخرها * (في سموم وحميم وظل من يحموم) * السموم الحر الشديد والحميم الماء الحار جدا واليحموم هو الأسود وظل من يحموم هو الدخان في قول الجمهور وقيل سرادق النار المحيط بأهلها فإنه يرتفع من كل جهة حتى يظلهم وقيل هو جبل في جهنم * (وكانوا يصرون على الحنث العظيم) * معنى يصرون يدومون من غير إقلاع والحنث هو الإثم وقيل هو الشرك وقيل هو الحنث في اليمين أو اليمين الغموس * (أئذا متنا) * الآية معناها أنهم أنكروا البعث بعد الموت وقد ذكرنا قراءة الاستفهامين في الرعد وآباؤنا في الصافات * (أيها الضالون) * خطابا لكفار قريش وسائر الكفار * (فشاربون عليه) * الضمير للمأكول * (فشاربون شرب الهيم) * وزن الهيم فعل بضم الفاء وكسرت الهاء لأجل الياء وهو جمع أهيم وهو الجمل الذي أصابه الهيام بضم الهاء وهو داء معطش يشرب معه الجمل حتى يموت أو يسقم والأنثى هيماء وقيل جمع هائم وهائمة وقيل الهيم الرمال التي لا تروى من الماء وهو على هذا جمع هيام بفتح الهاء وقرئ شرب بضم الشين واختلف هل هو مصدر أو اسم المشروب وقرئ بالفتح وهو مصدر فإن قيل كيف عطف قوله فشاربون على شاربون ومعناهما واحد فالجواب أن المعنى مختلف لأن الأول يقتضي الشرب مطلقا والآخر يقتضي الشرب الكثير المشبه لشرب الهيم * (هذا نزلهم) * النزل أول ما يأكله الضيف فكأنه يقول هذا أول عذابهم فما ظنك بسائره * (فلولا تصدقون) * تحضيض على التصديق إما بالخالق تعالى وإما بالبعث لأن
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»