التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٩٦
والمعجزات الظاهرة فقوله ما لكم استفهام يراد به الإنكار ولا تؤمنون في موضع الحال من معنى الفعل الذي يقتضيه مالكم والواو في قوله والرسول يدعوكم واو الحال * (وقد أخذ ميثاقكم) * يحتمل أن يكون هذا الميثاق ما جعل في العقول من النظر الذي يؤدي إلى الإيمان أو يكون الميثاق الذي أخذه على بني آدم حين أخرجهم من ظهر آدم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى * (هو الذي ينزل على عبده آيات) * يعني سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم والعبودية هنا للتشريف والاختصاص والآيات هنا القرآن * (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله) * الآية معناه أي شئ يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله والله يرث ما في السماوات والأرض إذا فني أهلها ففي ذلك تحريض على الإنفاق وتزهيد في الدنيا * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) * الفتح هنا فتح مكة وقيل صلح الحديبية والأول أظهر وأشهر ومعنى الآية التفاوت في الأجر والدرجات بين من أنفق في سبيل الله وقاتل قبل فتح مكة وبين من أنفق وقاتل بعد ذلك فإن الإسلام قبل الفتح كان ضعيفا والحاجة إلى الانفاق والقتال كانت أشد ويؤخذ من الآية أن من أنفق في شدة أعظم أجرا ممن أنفق في حال الرخاء وفي الآية حذف دل عليه الكلام تقديره لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل مع من أنفق من بعد الفتح وقاتل ثم حذف ذلك لدلالة قوله أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وفي هذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه يعني السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وخاطب بذلك من جاء بعدهم من سائر الصحابة ويدخل في الخطاب كل من يأتي إلى يوم القيامة * (وكلا وعد الله الحسنى) * أي كل واحدة من الطائفتين الذين أنفقوا وقاتلوا قبل الفتح وبعده وعدهم الله الجنة * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * ذكر في البقرة * (يوم ترى) * العامل في الظرف أجر كريم أو تقدير اذكر * (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم) * قيل إن هذا النور استعارة يراد به الهدى والرضوان والصحيح هو قول الجمهور أنه حقيقة وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمعنى على هذا أن المؤمنين يكون لهم يوم القيامة نور يضئ قدامهم وعن يمين كل واحد منهم وقيل يكون أصله في أيمانهم يحملونه فينبسط نوره قدامهم وروى أن نور كل أحد على قدر إيمانه فمنهم من يكون نوره كالنخلة ومنهم من يضئ ما قرب من قدميه ومنهم من يضئ مرة ويهم بالإطفاء مرة قال ابن عطية ومن هذه الآية أخذ الناس مشى المعتق بالشمعة قدام معتقة إذا مات * (بشراكم اليوم جنات) * أي يقال لهم ذلك * (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم) * يوم بدل من يوم ترى
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»