التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٠١
وقرأ ابن مسعود لكيلا يعلم والمعنى إن كان الخطاب لأهل الكتاب يا أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا أن لا يقدروا على شئ من فضل الله الذي وعد من آمن منكم وهو تضعيف الأجر والنور والمغفرة لأنهم لم يسلموا فلم ينالوا شيئا من ذلك وإن كان الخطاب للمسلمين فالمعنى ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا أنهم لا يقدرون أن ينالوا شيئا مما أعطى الله المسلمين من تضعيف الأجر والنور والمغفرة وقد روى في سبب نزول الآية أن اليهود افتخرت على المسلمين فنزلت الآية في الرد عليهم وهو يقوى هذا القول وروى أيضا أن سببها أن الذين أسلموا من أهل الكتاب افتخروا على غيرهم من المسلمين بأنهم يؤتيهم الله أجرهم مرتين فنزلت الآية معلمة أن المسلمين مثلهم في ذلك سورة المجادلة * (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) * نزلت الآية في خولة بنت حكيم وقيل خولة بنت ثعلبة وقيل خولة بنت خويلد وقيل اسمها جميلة وكانت امرأة أوس بن الصامت الأنصاري أخي عبادة بن الصامت فظاهر منها وكان الظهار في الجاهلية يوجب تحريما مؤبدا فلما فعل أوس ذلك جاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أوسا أكل شبابي ونشرت له بطني فلما كبرت ومات أهلي ظاهر مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيتك إلا قد حرمت عليه فقالت يا رسول الله لا تفعل إني وحيدة ليس لي أهل سواه فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل مقالته فراجعته فهذا هو جدالها * (وتشتكي إلى الله) * كانت تقول اللهم إني أشكو إليك حالي وانفرادي وفقري وروى أنها كانت تقول اللهم إن لي منه صبية صغارا إن ضممتهم إلى جاعوا وإن ضممتهم إليه ضاعوا * (والله يسمع تحاوركما) * المحاورة هي المراجعة في الكلام قالت عائشة رضي الله عنها سبحان من وسع سمعه الأصوات لقد كنت حاضرة وكان بعض كلام خولة يخفى علي وسمع الله كلامها ونزل القرآن في ذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها وقال له أتعتق رقبة فقال والله ما أملكها فقال أتصوم شهرين متتابعين فقال والله ما أقدر فقال له أتطعم ستين مسكينا فقال لا أجد إلا أن يعينني رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعونة وصلاة يريد الدعاء فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا وقيل بثلاثين صاعا ودعا له فكفر بالإطعام وأمسك زوجته * (الذين يظاهرون منكم من نسائهم) * قرئ يظاهرون بألف بعد الظاء وبحذفها وبالتشديد والتخفيف والمعنى واحد وهو إيقاع الظهار والظهار المجمع عليه هو أن يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي ويجرى مجرى ذلك عند مالك تشبيه الزوجة بكل امرأة محرمة على التأبيد كالبنت والأخت وسائر المحرمات بالنسب والمحرمات بالرضاع والمصاهرة سواء ذكر لفظ الظهر
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»