هل الجنتان لكل خائف على انفراده أو للصنف الخائف وذلك مبني على قوله لمن خاف مقام ربه هل يراد به واحد أو جماعة وقال الزمخشري إنما قال جنتان لأنه خاطب الثقلين فكأنه قال جنة للإنس وجنة للجن * (ذواتا أفنان) * ثنى ذات هنا على الأصل لأن أصله ذوات قاله ابن عطية والأفنان جمع فنن وهو الغصن أو جمع فن وهو الصنف من الفواكه وغيرها * (من كل فاكهة زوجان) * أي نوعان " وجنا الجنتين دان " الجنا هو ما يجتنى من الثمار ودان قريب وروى أن الإنسان يجتني الفاكهة في الجنة على أي حال كان من قيام أو قعود أو اضطجاع لأنها تتدلى له إذا أرادها وفي قوله جنا الجنتين ضرب من ضروب التجنيس * (قاصرات الطرف) * ذكر في الصافات * (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) * المعنى أنهن أبكار ولم يطمثهن معناه لم يفتضهن وقبل الطمث الجماع سواء كان لبكر أو غيرها ونفى أن يطمثهن إنس أو جان مبالغة وقصدا للعموم فكأنه قال لم يطمثهن شئ وقيل أراد لم يطمث نساء الإنس إنس ولم يطمث نساء الجن جن وهذا القول بأن الجن يدخلون الجنة ويتلذذون فيها بما يتلذذ البشر * (كأنهن الياقوت والمرجان) * شبه النساء بالياقوت والمرجان في الحمرة والجمال وقد ذكرنا المرجان في أول السورة * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) * المعنى أن جزاء من أحسن بطاعة الله أن يحسن الله إليه بالجنة ويحتمل أن يكون الإحسان هنا هو الذي سأل عنه جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وذلك هو مقام المراقبة والمشاهدة فجعل جزاء ذلك الإحسان بهاتين الجنتين ويقوى هذا أنه جعل هاتين الجنتين الموصوفتين هنا لأهل المقام العلى وجعل جنتين دونها لمن كان دون ذلك فالجنتان االمذكورتان أولا للسابقين والجنتان المذكورتين ثانيا بعد ذلك لأصحاب اليمين حسبما ورد في الواقعة وانظر كيف جعل أوصاف هاتين الجنتين أعلى من أوصاف الجنتين اللتين بعدهما فقال هنا عينان تجريان وقال في الآخرتين عينان نضاختان والجرى أشد من النضخ وقال هنالك من كل فاكهة زوجان وقال هنا فاكهة ونخل ورمان وكذلك صفة الحور هنا أبلغ من صفتها هنالك وكذلك صفة البسط ويفسر ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم جنتان من ذهب آنيتهما وكل ما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وكل ما فيهما * (مدهامتان) * أي تضربان إلى السواد من شدة الخضرة * (عينان نضاختان) * أي تفوران بالماء والنضخ بالخاء المعجمة أشد من النضخ بالحاء المهملة " فاكهة ونخل
(٨٦)