التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٦٥
نقيض له شيطانا فهو له قرين ومعنى قوله هذا ما لدي عتيد أي هذا الإنسان حاضر لدى أعتدته ويسرته لجهنم وكذلك المعنى إن قلنا إن القرين هو الملك السائق وإن قلنا إنه أحد الزبانية فمعناه هذا العذاب لدى حاضر ويحتمل أن يكون ما في قوله مالدي موصوفة أوموصولة فإن كانت موصوفة فعتيد وصف لها وإن كانت موصولة فعتيد بدل منها أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف وما هي خبر المبتدأ على هذه الوجوه ويحتمل أن يكون عتيد الخبر وتكون ما بدلا من هذا أو منصوبة بفعل مضمر * (ألقيا في جهنم) * الخطاب للملكين السائق والشهيد وقيل إنه خطاب لواحد على أن يكون بالنون المؤكدة الخفيفة ثم أبدل منها ألف أو على أن يكون معناه ألق ألق مثنى مبالغة وتأكيدا أو على أن يكون على عادة العرب من مخاطبة الاثنين كقولهم خليلي وصاحبي وهذا كله تكلف بعيد ومما يدل على أن الخطاب لاثنين قوله فألقياه في العذاب الشديد * (مناع للخير) * قيل مناع للزكاة المفروضة والصحيح العموم * (مريب) * شاك في الدين فهو من الريب بمعنى الشك * (الذي جعل) * يحتمل أن يكون مبتدأ وخبره فألقياه وأدخل فيه ألفا لتضمنه معنى الشرط أو يكون بدلا أو صفة ويكون فألقياه تكرارا للتوكيد * (قال قرينه ربنا ما أطغيته) * القرين هنا شيطانه الذي وكل به في الدنيا بلا خلاف ومعنى ما أطغيته ما أوقعته في الطغيان ولكنه طغى باختياره وإنما حذف الواو هنا لأن هذه جملة مستأنفة بخلاف قوله وقال قرينه قبل هذا فإنه عطف * (لا تختصموا لدي) * خطاب للناس وقرنائهم من الشياطين * (ما يبدل القول لدي) * أي قد حكمت بتعذيب الكفار فلا تبديل لذلك وقيل معناه لا يكذب أحد لعلمي بجميع الأمور فالإشارة على هذا إلى قول القرين ما أطغيته * (وتقول هل من مزيد) * الفعل مسند إلى جهنم وقيل إلى خزنتها من الملائكة والآول أظهر واختلف هل تتكلم جهنم حقيقة أو مجازا بلسان الحال والأظهر أنه حقيقة وذلك على الله يسير ومعنى قولها * (هل من مزيد) * إنما تطلب الزيادة وكانت لم تمتلئ وقيل معناه لا مزيد أي ليس عندي موضع للزيادة فهي على هذا قد امتلأت والأول أظهر وأرجح لما ورد في الحديث لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يلقى فيها الجبار قدمه وفي الحديث كلام ليس هذا موضعه والمزيد يحتمل أن يكون مصدرا كالمحيض أو اسم مفعول فإن كان مصدرا فوزنه مفعل وإن كان اسم مفعول فوزنه مفعول * (وأزلفت الجنة) * أي قربت ثم أكد ذلك بقوله غير بعيد * (لكل أواب) * أي كثير الرجوع إلى الله فهو من آب يؤوب إذا رجع وقيل هو المسبح لله من قوله * (يا جبال أوبي معه) * * (حفيظ) * أي حافظ لأوامر الله فيفعلها ولنواهيه فيتركها * (من خشي الرحمن بالغيب) * أي اتقى الله وهو غائب عن الناس فالمجرور في موضع الحال ومن خشي بدل أو مبتدأ فإن قيل كيف قرن بالخشية الاسم الدال على الرحمة فالجواب أن ذلك لقصد المبالغة في الثناء على من يخشى الله لأنه يخشاه مع علمه برحمته وعفوه قال ذلك الزمخشري ويحتمل أن يكون
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»