التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٦٠
وحكم القتال في الفتن أن لا يجهز على جريح ولا يطلب هارب ولا يقتل أسير ولا يقسم فئ " حتى تفئ " أي ترجع إلى الحق * (فأصلحوا بين أخويكم) * إنما ذكره بلفظ التثنية لأن أقل من يقع بينهم البغي اثنان وقيل أراد بالأخوين الأوس والخزرج وقرئ بين إخوتكم بالتاء على الجمع وقرئ بين إخوانكم بالنون على الجمع أيضا * (لا يسخر قوم من قوم) * نهى عن السخرية وهي الاستهزاء بالناس * (عسى أن يكونوا خيرا منهم) * أي لعل المسخور منه خير من الساخر عند الله وهذا تعليل للنهي * (ولا نساء من نساء) * لما كان للقوم لا يقع إلا على الذكور عطف النساء عليهم * (ولا تلمزوا أنفسكم) * أي لا يطعن بعضكم على بعض واللمز العيب سواء كان بقول أو إشارة أو غير ذلك وسنذكر الفرق بينه وبين الهمز في سورة الهمزة وأنفسكم هنا بمنزلة قوله فسلموا على أنفسكم * (ولا تنابزوا بالألقاب) * أي لا يدع أحد أحدا بلقب والتنابز بالألقاب التداعي بها وقد أجاز المحدثون أن يقال الأعمش والأعرج ونحوه إذا دعت إليه الضرورة ولم يقصد النقص والاستخفاف * (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) * يريد بالاسم أن يسمى الإنسان فاسقا بعد أن سمى مؤمنا وفي ذلك ثلاثة أوجه أحدها استقباح الجمع بين الفسق وبين الإيمان فمعنى ذلك أن من فعل شيئا من هذه الأشياء التي نهى عنها فهو فاسق وإن كان مؤمنا والآخر بئس ما يقوله الرجل للآخر يا فاسق بعد إيمانه كقولهم لمن أسلم من اليهود يا يهودي الثالث أن يجعل من فسق غير مؤمن وهذا على مذهب المعتزلة * (اجتنبوا كثيرا من الظن) * يعني ظن السوء بالمسلمين وأما ظن الخير فهو حسن * (إن بعض الظن إثم) * قيل في معنى الإثم هنا الكذب لقوله صلى الله عليه وسلم الظن أكذب الحديث لأنه قد لا يكون مطابقا للأمر وقيل إنما يكون إثما إذا تكلم به وأما إذا لم يتكلم به فهو في فسحه لأنه لا يقدر على دفع الخواطر واستدل بعضهم بهذه الآية على صحة سد الذرائع في الشرع لأنه أمر باجتناب كثير من الظن وأخبر أن بعضه إثم فأمر باجتناب الأ كثر من الإثم احترازا من الوقوع في البعض الذي هو إثم * (ولا تجسسوا) * أي لا تبحثوا عن مخبآت الناس وقرأ الحسن تحسسوا بالحاء والتجسس بالجيم في الشر وبالحاء في الخير وقيل التجسس ما كان من وراء والتحسس بالحاء الدخول والاستعلام * (ولا يغتب بعضكم بعضا) * المعنى لا يذكر أحدكم من أخيه المسلم ما يكره لو سمعه والغيبة هي ما يكره الإنسان ذكره من خلقه أو خلقه أو دينه أو أفعاله أو غير ذلك وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال الغيبة أن تذكر أخاك المؤمن بما يكره قيل يا رسول الله وإن كان حقا قال إذا قلت باطلا فذلك بهتان وقد رخص في الغيبة في مواضع منها في التجريح في الشهادة والرواية والنكاح وشبه وفي التحذير من أهل الضلال
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»