الله ورسوله تجمع صدق الإيمان وصلاح الأعمال فالمعنى إن رجعتم عما أنتم عليه من الإيمان بألسنتكم دون قلوبكم وعملتم أعمالا صالحة فإن الله لا ينقصكم منها شيئا * (ثم لم يرتابوا) * أي لم يشكوا في إيمانهم وفي ذلك تعريض بالأعراب المذكورين بأنهم في شك وكذلك قوله في هؤلاء أولئك هم الصادقون تعريض أيضا بالأعراب إذ كذبوا في قولهم آمنا وإنما عطف ثم لم يرتابوا بثم إشعارا بثبوت إيمانهم في الأزمنة المتراخية المتطاولة * (وجاهدوا) * يريد جهاد الكفار لأنه دليل على صحة الإيمان ويبعد أن يريد جهاد النفس والشيطان لقوله بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله * (يمنون عليك أن أسلموا) * نزلت في بني أسد أيضا فإنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنا آمنا بك واتبعناك ولم نحاربك كما فعلت هوازن وغطفان وغيرهم * (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) * أي هداكم للإيمان على زعمكم ولذلك قال إن كنتم صادقين ويمن عليكم يحتمل أن يكون بمعنى ينعم عليكم أو بمعنى يذكر إنعامه وهذا أحسن لأنه في مقابلة يمنون عليك.
سورة ق تكلمنا على حروف الهجاء في أول سورة البقرة ويختص ق بأنه قيل إنه من اسم الله القاهر أو القدير وقيل هو اسم للقرآن وقيل اسم للجبل الذي يحيط بالدنيا * (والقرآن المجيد) * من المجد وهو الشرف والكرم وجواب هذا القسم محذوف تقديره ما ردوا أمرك بحجة وما كذبوك ببرهان وشبه ذلك وعبر عن هذا المحذوف وقع الإضراب ببل وقيل الجواب ما يلفظ من قول وقيل إن في ذلك لذكرى وقيل قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وهذه الأقوال ضعيفة متكلفة * (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم) * الضمير في عجبوا لكفار قريش والمنذر هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقيل الضمير لجميع الناس واختاره ابن عطية قال ولذلك قال تعالى فقال الكافرون أي الكافرون من الناس والصحيح أنه لقريش وقوله قال الكافرون وضع الظاهر موضع المضمر لقصد ذمهم بالكفر كما تقول جاءني فلان فقال الفاجر كذا إذا قصدت ذمه وقوله منذر منهم إن كان الضمير لقريش فمعنى منهم من قبيلتهم يعرفون صدقه وأمانته وحسبه فيهم وإن كان الضمير لجميع الناس فمعنى منهم إنسان مثلهم وتعجبهم يحتمل أن يكون من أن بعث الله بشرا أو من الأمر الذي يتضمنه الإ نذار وهو