التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٨٩
ثلاثة أوجه أحدها أن يكون الخلق بمعنى أنه يشهد عليهم والآخر أن تكون الأعمال بمعنى أنه يشهد بها والثالث أن يكون يوم القيامة بمعنى أنه يشهد فيه أي يحضر للحساب والجزاء أو تقع فيه الشهادة على الناس القول الثاني أن الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم لقوله * (ويكون الرسول عليكم شهيدا) * والمشهود على هذا يحتمل أن يكون أمته لأنه يشهد عليهم أو أعمالهم لأنه يشهد بها أو يوم القيامة لأنه يشهد فيه أي يحضر أو تقع فيه الشهادة على الأمة القول الثالث أن الشاهد أمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله * (لتكونوا شهداء على الناس) * والمشهود على هذا سائر الأمم لأنهم يشهدون عليهم أو أعمالهم أو يوم القيامة القول الرابع أن الشاهد هو عيسى عليه السلام والمشهود أمته لقوله * (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) * أو أعمالهم أو يوم القيامة الخامس أن الشاهد جميع الأنبياء والمشهود أممهم لأن كل نبي يشهد على أمته أو يشهد القول بأعمالهم أيو يوم القيامة لأنه يشهد فيه القول السادس أن الشاهد الملائكة الحفظة والمشهود على هذا الناس لأن الملائكة يشهدون عليهم أو الأعمال لأن الملائكة يشهدون بها أو يوم القيامة أو صلاة الصبح لقوله * (إن قرآن الفجر كان مشهودا) * القول السابع أن الشاهد جميع الناس لأنهم يشهدون يوم القيامة أي يحضرونها والمشهود يوم القيامة لقوله " فذلك يوم مشهود " والقول الثامن أن الشاهد الجوارح والمشهود عليه أصحابها لقوله * (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم) * أو الأعمال لأن الجوارح تشهد بها يوم القيامة لأن الشهادة تقع فيه القول التاسع أن الشاهد الله والملائكة وأولوا العلم لقوله " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم " والمشهود به الوحدانية القول العاشر الشاهد جميع المخلوقات والمشهود به وجود خالقها وإثبات صفاته من الحياة والقدرة وغير ذلك القول الحادي عشر أن الشاهد النجم لما ورد في الحديث لا صلاة بعد العصر حتى يطلع الشاهد وهو النجم والمشهود على هذا الليل والنهار لأن النجم يشهد بانقضاء النهار ودخول الليل القول الثاني عشر أن الشاهد الحجر الأسود والمشهود الناس الذين يحجون القول الثالث عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وذلك أن يوم الجمعة يشهد بالأعمال ويوم عرفة يشهده جمع عظيم من الناس القول الرابع عشر أن الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم النحر قاله علي بن أبي طالب القول الخامس عشر أن الشاهد يوم التروية والمشهود يوم عرفة القول السادس عشر أن الشاهد يوم الاثنين والمشهود يوم الجمعة * (قتل أصحاب الأخدود) * الكلام هنا في ثلاثة فصول الأول في جواب القسم وفيه أربعة أقوال أحدها أنه قوله * (إن بطش ربك لشديد) * والثاني أنه * (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) * وهذان القولان ضعيفان لبعد االقسم من الجواب وثالثها أنه * (قتل أصحاب الأخدود) * تقديره لقد قتل ورابعها أنه محذوف يدل عليه قتل أصحاب الأخدود تقديره لقد قتل هؤلاء الكفار كما قتل أصحاب الأخدود وذلك أن الكفار من قريش كانوا يعذبون من أسلم من قومهم ليرجعوا عن الإسلام فذكر الله قصة أصحاب الأخدود وعيدا للكفار وتأنيسا للمسلمين المعذبين الفصل الثاني في تفسير لفظها فأما قتل فاختلف هل هو دعاء أو خبر واختلف هل هو بمعنى القتل حقيقة أو بمعنى اللعن وأما الأخدود فهو الشق في الأرض كالخندق وشبهه وأما أصحاب الأخدود فيحتمل أن يريد بهم الكفار الذين كانوا يحرقون المؤمنين في الأخدود أو يريد المؤمنين الذين حرقوا فيه فيكون القتل حقيقة خبر أو الأول أظهر الفصل الثالث في قصة أصحاب
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»