لأنه كان أميا لا يكتب وكان مع ذلك لا ينسى ما أقرأه جبريل عليه السلام من القرآن وقيل معنى الآية كقوله لا تحرك به لسانك الآية فإنه عليه الصلاة والسلام كان يحرك به لسانه إذا أقرأه جبريل خوفا أن ينساه فضمن الله له أن لا ينساه وقيل فلا تنسى نهى عن النسيان وقد علم الله أن ترك النسيان ليس في قدرة البشر فالمراد الأمر بتعاهده حتى لا ينساه وهذا بعيد لإثبات الألف في تنسى * (إلا ما شاء الله) * فيه وجهان أحدهما أن معناه لا تنسى إلا ما شاء الله أن تنساه كقوله أو ننسها ولآخر أنه لا ينسى شيئا ولكن قال إلا ما شاء الله تعظيما لله بإسناد الأمر إليه كقوله * (خالدين فيها إلا ما شاء الله) * على بعض الأقوال وعبر الزمخشري عن هذا بأنه من استعمال التقليل في معنى النفي والأول أظهر فإن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم فيما أراد الله أن يرفعه من القرآن أو فيما قضى الله أن ينساه ثم يذكره ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع قراءة عباد بن بشير رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت قد نسيتها * (ونيسرك لليسرى) * عطف على سنقرؤك ومعناه نوفقك للأمور المرضية التي توجب له السعادة وقيل معناه للشريعة اليسرى من قوله عليه الصلاة والسلام دين الله يسر أي سهل لا حرج فيه * (فذكر إن نفعت الذكرى) * المراد بهذا الشرط توبيخ الكفار الذين لا تنفعهم الذكرى واستبعاد تأثير الذكرى في قلوبهم كقولك قد أوصيتك لو سمعت وقيل المعنى ذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع واقتصر على أحد القسمين لدلالة الآخر عليه وهذا بعيد وليس عليه الرونق الذي على الأول * (سيذكر من يخشى) * أي من يخاف الله * (ويتجنبها الأشقى) * يعني الكافر وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة والضمير المفعول للذكرى * (النار الكبرى) * هي نار جهنم وسماها كبرى بالنظر إلى نار الدنيا وقيل سماها كبرى بالنظر إلى غيرها من نار جهنم فإنها تتفاضل وبعضها أكبر من بعض وكلا القولين صحيح إلا أن الأول أظهر ويؤيده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ناركم هذه التي توقدون جزءا من سبعين جزءا من نار جهنم * (ثم لا يموت فيها ولا يحيى) * أي لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة هنيئة وعطف هذه الجملة بثم لأن هذه الحالة أشد من صلى النار فكأنها بعده في الشدة * (قد أفلح من تزكى) * يحتمل أن يكون بمعنى الطهارة من الشرك والمعاصي أو بمعنى الطهارة للصلاة أو بمعنى أداء الزكاة وعلى هذا قال جماعة إنها يوم الفطر والمعنى أدى زكاة الفطر * (وذكر اسم ربه) * في طريق المصلي إلى أن يخرج الإمام وصلى صلاة العيد وقد روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل المراد أدى زكاة ماله وصلى الصلوات الخمس * (إن هذا) * الإشارة إلى ما ذكر من التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة أو إلى ما تضمنته السورة أو إلى القرآن بجملته والمعنى أنه ثابت في كتب الأنبياء المتقدمين كما ثبت في هذا الكتاب
(١٩٤)